- أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَنْفِثُ علَى نَفْسِهِ في مَرَضِهِ الذي قُبِضَ فيه بالمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أنَا أنْفِثُ عليه بهِنَّ، فأمْسَحُ بيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا.
فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ: كيفَ كانَ يَنْفِثُ؟ قَالَ: يَنْفِثُ علَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ.
الراوي :
عائشة أم المؤمنين
| المحدث :
البخاري
| المصدر :
صحيح البخاري
| الصفحة أو الرقم :
5751
| خلاصة حكم المحدث :
[صحيح]
كان مِن هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العِلاجُ بالرُّقْيةِ، فكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَرقي نَفْسَه إذا مَرِضَ، وكذا يَرْقي مَنِ اشتكَى مِن أهْلِه ومِن غيرِهم.
وفي هذا الحَديثِ تَحكي أمُّ المُؤمِنينَ عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَنفُثُ عَلى نَفْسِهِ في المَرَضِ الَّذي ماتَ فيهِ بِالمُعَوِّذاتِ، والنَّفْثُ: هو نفْخٌ لَطيفٌ لا رِيقَ معَه، وهو أقَلُّ مِنَ التَّفْلِ. والمُعوِّذاتُ هي سُورةُ الفلَقِ وسُورةُ النَّاسِ، وجُمِعَت باعتبارِ أنَّ ما يُستعاذُ منه فيهما كثيرٌ. وقيل: يُضَمُّ إليهما سُورةُ الإخلاصِ. ورَقى بهنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نفْسَه؛ لأنهنَّ جامِعاتٌ للاستِعاذةِ مِن كلِّ المكروهاتِ جُملةً وتَفصيلًا؛ ففيها الاستِعاذةُ مِن شرِّ ما خلَقَ اللهُ، فيَدخُلُ فيه كلُّ شَيءٍ، ومِن شرِّ اللَّيلِ وما يَنتشِرُ فيه، ومِن شرِّ السَّواحِرِ، ومِن شرِّ الحاسدينَ، ومِن شرِّ شياطينِ الجنِّ والإنسِ.
وصِفةُ النَّفثِ: أنْ يَجمَعَ كَفَّيْهِ ثم يَنْفُثَ فيهما، ويَقْرَأَ الإخْلاصَ والمعوِّذتَينِ، ثم يَمْسَحُ بهما الجَسَدَ. ولعلَّ السَّبَبَ في هذا النَّفْثِ هو أنَّ الدُّعاءَ أو القُرْآنَ الذي نَطَقَ به اللِّسانُ أوجَدَ في جَوفِ وَرِيقِ هذا الإنْسانِ الذي نَطَقَ به بَرَكَةً لهذه الأعْمالِ الصَّالِحَةِ، فيَنْفُثُ الرَّاقي في يَدِهِ ويُمرِّرُ هذه البَرَكَةَ على جَسَدِ المريضِ، فيَبْرَأُ بإذْنِ اللهِ.
وتُخبر أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا ثَقُلَ عليه المرضُ، كانت رَضِيَ اللهُ عنها تَرْقِيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وتنفُثُ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِالمُعَوِّذاتِ، وتمسَحُ عليه بيَدِه الشَّريفةِ؛ لبَركَتِها.
وفي نهايةِ الحَديثِ سأل مَعمَرُ بنُ راشدٍ -أحدُ رواةِ الحَديثِ- شَيخَه محمَّدَ بنَ شِهابٍ الزُّهريَّ عن صِفةِ النَّفثِ: كيف كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنفُثُ بالمعَوِّذاتِ؟ فأجابه الزُّهريُّ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنفُثُ عَلى يَدَيه، ثُمَّ يَمسَحُ بِهِما وَجهَه الشَّريفَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحَديثِ: النَّفْثُ في الرُّقى.
وفيه: المَسحُ باليَدِ عِندَ الرُّقيةِ.
وفيه: مكانةُ أمِّ المُؤمِنينَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها وقُرْبُها من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: مشروعيَّةُ أن يَرقِيَ الإنسانُ نَفْسَه، أو أن يَرقِيَه غَيرُه.