- مَن قال: أنا خَيْرٌ مِن يُونُسَ بنِ مَتَّى، فقَدْ كَذَبَ.
الراوي :
أبو هريرة
| المحدث :
البخاري
| المصدر :
صحيح البخاري
| الصفحة أو الرقم :
4604
| خلاصة حكم المحدث :
[صحيح]
| التخريج :
أخرجه البخاري (4604) واللفظ له، ومسلم (2376)
تَفضيلُ بعضِ الأنبياءِ على بعضٍ أمرٌ خاصٌّ لله سُبحانه وتعالَى؛ قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253]، وهو وحْدَه مَن يَملِكُ هذا الأمرَ، وقد ذكَر في كتابِه أنَّ مِن المُرسَلين أُولي العَزْم، وذكَر أنَّ بعضَ الأنبياء ضاقَ بقومِه، ومنْهم مَن دعا عليهم، وغيرَ ذلك، وليس لِبشَرٍ أنْ يُفاضِلَ بيْن هؤلاء الأنبياء إلَّا بما فضَّل اللهُ به بعضَهم على بعضٍ.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ «مَن قال: أنا خيرٌ من يُونسَ بن مَتَّى، فقد كذَب»، أي: مَن قال: إنَّ النَّبيَّ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفضَلُ مِن النَّبيِّ السَّابقِ عليه يُونسَ بنِ مَتَّى، فقد كذَبَ ولم يَقُل الصِّدقَ؛ لأنَّ اللهَ سُبحانه لم يَذكُرْ ذلك، ولا نَبيُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وغايةُ ما في الأمرِ أنَّ اللهَ ذكَر أُولي العَزْم مِن الرُّسل، وأَثْنى على صَبْرِهم، وذكَر النَّبيَّ يُونسَ بنَ مَتَّى، وأنَّه ضاق بقومِه وعدمِ اسْتجابتهم لِدعوته، فقال سُبحانه: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا...} [الأنبياء: 87]، وقال لنبيِّه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} [القلم: 48]، كما ذكَر اللهُ دَعْوةَ أنبياءَ آخَرِين على قومِهم.
وهذا النَّهيُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحمَلُ على عدمِ تَفضيلِه على أيِّ نبيِّ آخَرَ للمُباهاةِ والفخرِ، وإلَّا فإنَّه في الحقيقةِ أفضلُهم على الإطلاقِ؛ فقد قال: «أنا سيِّدُ وَلَد آدمَ ولا فَخْر»، وهذا مِن بابِ ذِكرِ كَرامةِ نَبيِّنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ربِّه بلا فَخْرٍ منه ولا تَكبُّرٍ، بلْ هو في أعْلى درَجاتِ التَّواضُعِ.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن تَفْضيلِ الأنبياءِ على بعضِهم تَفاخُرًا.
وفيه: تَواضُعُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: فَضلُ النَّبيِّ يُونُسَ عليه السَّلامُ.