- بيْنَما جَارِيَةٌ علَى نَاقَةٍ، عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاعِ القَوْمِ، إذْ بَصُرَتْ بالنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَتَضَايَقَ بهِمِ الجَبَلُ، فَقالَتْ: حَلْ، اللَّهُمَّ العَنْهَا، قالَ: فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لا تُصَاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ. وَزَادَ في رواية: لا أَيْمُ اللهِ، لا تُصَاحِبْنَا رَاحِلَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ مِنَ اللهِ، أَوْ كما قالَ.
الراوي :
أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد
| المحدث :
مسلم
| المصدر :
صحيح مسلم
| الصفحة أو الرقم :
2596
| خلاصة حكم المحدث :
[صحيح]
| التخريج :
من أفراد مسلم على البخاري
الدُّعاءُ بالشَّرِّ أو باللَّعنِ ليْس مِن صِفاتِ المسْلمِ؛ لأنَّ الإسلامَ يَحُضُّ على التَّراحُمِ والمودَّةِ وحُسنِ التَّعامُلِ بيْنَ النَّاسِ، والرَّحمةِ والإحسانِ بالدَّوابِّ والحيواناتِ، والدُّعاءُ باللَّعنُ يَتعارَضُ مع هذه المعاني، ويُنافي أخلاقَ المؤمِنينَ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو بَرْزةَ نَضْلةُ بنُ عُبَيدٍ الأسلميُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه بيْنَما «جاريةٌ»، وهي المرأةُ الشَّابَّةُ، ويَحتمِلُ المرأةَ المملوكةَ؛ كانت راكبةً عَلى ناقةٍ وتَحمِلُ عَليها بعضَ مَتاعِ القَومِ، أي: حاجاتِ القَومِ مِن طعامٍ ولِباسٍ وغيرِه، فرَأتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو راكبٌ ناقتَه ومعه المسافِرون، وقد «تَضايقَ بِهمُ الجبَلُ» أي: ضاقَ الممَرُّ الَّذين يَسِيرون فيه وازدَحم بالنَّاسِ، فقالَت المرأةُ للنَّاقةِ: «حِل»، وهيَ كَلمةٌ تُقالُ لِزَجرِ الإِبلِ وحثِّها عَلى القيامِ، أو عَلى سُرعةِ السَّيرِ؛ لِتَلحَقَ ببَاقي المَسيرِ، ويَحتمِلُ أنَّها خَشِيَت مُزاحمتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسَببِ هذا الضِّيقِ، فأرادتْ مِن النَّاقةِ الإسراعَ، ثمَّ دَعتْ على النَّاقةِ باللَّعنةِ، أي: بالإبعادِ مِن رحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فسَمِعَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقال: لا تُصاحِبْنا، أي: في سَفَرِنا، ناقةٌ دُعِي عليها باللَّعنِ، وفي رِوايةٍ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَقسَمَ، فقال: «لا أَيْمُ اللهِ، لا تُصاحبُنا راحلَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ مِنَ اللهِ»، والرَّاحلةُ النَّاقةُ الَّتي يُحمَلُ عليها للسَّفرِ.
ومع أنَّ لَعْنَ الدَّابَّةِ لا يُبعِدُها عن رَحمةِ اللهِ؛ إذ لا ذَنْبَ لها فيما كان مِن مالكتِها، لكنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ بذلك زَجْرًا وتَأديبًا للمرأةِ؛ فقدْ نَهى قبْلَ ذلك عن لَعنِ الدَّوابِّ، فهي خِلقةُ اللهِ وصَنْعتُه، ولَعْنُ المصنوعِ إساءةٌ للصَّنعةِ وإساءةٌ للصَّانعِ، فعادت العقوبةُ في ذلك والذَّمُّ على المرأةِ الَّتي كانت منها اللَّعنةُ، وعادَ ذلك تَخفيفًا عن النَّاقةِ مِن الحمْلِ عليها، ورُكوبِها مِن مالكِها.
وَليسَ في كَلامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهيٌ عنْ بيعِها وذَبحِها ورُكوبِها في غيرِ صُحبتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ بل كُلُّ ذلكَ وَما سِواه منَ التَّصرُّفاتِ جائزٌ لا مانعَ منه.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن اللَّعنِ.