- زَارَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَن حَوْلَهُ، فَقالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي في أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ في أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا، فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ؛ فإنَّهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ.
الراوي :
أبو هريرة
| المحدث :
مسلم
| المصدر :
صحيح مسلم
| الصفحة أو الرقم :
976
| خلاصة حكم المحدث :
[صحيح]
ذِكْرُ المَوتِ وزِيارةُ المَوتَى والقُبورِ تُذَكِّرُ بِالآخِرةِ وَبالنِّهايةِ المَحتومةِ لكُلِّ إنْسانٍ، وذَلك يُحفِّزُ عَلى العَملِ، وقدْ كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَزورُ أَهلَ البَقيعِ.
وَفي هذا الحَديثِ يَرْوي أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه قِصَّةَ زِيارةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لقَبرِ أُمِّه وما فيها مِن عِبَرٍ، وكان قَبرُ أُمِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِالأَبْواءِ بيْنَ مكَّةَ والمدينةِ، وتبعُدُ عن رابغَ (67 كم) شَمالَ مِنطقةِ مكَّةَ المكرَّمةِ، وكانتْ في الجاهليَّةِ وصَدرِ الإسْلامِ من ديارِ بَني ضَمْرةَ من قَبيلةِ كِنانةَ، واليومَ من ديارِ بَني عَمرِو بنِ حَربٍ، وكانت هذه الزِّيارةُ عامَ الفَتحِ سنةَ ثمانٍ منَ الهجرةِ، وسَببُ زِيارتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَبْرَها أنَّه قصَدَ قُوَّةَ المَوْعظةِ والذِّكْرى بمُشاهَدةِ قَبرِها، ويُؤيِّدُه قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في آخرِ الحَديثِ: «فزُوروا القُبورَ؛ فإِنَّها تُذكِّرُ الموتَ»، وقيلَ: كانت زِيارتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَبرَها معَ أنَّها كافرةٌ تَعليمًا منه للأمَّةِ حقوقَ الوالِدَينِ والأقارِبِ؛ فإنَّه لم يَترُكْ قَضاءَ حقِّها معَ كُفرِها، فلمَّا رَأى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قبْرَ أُمِّه بَكى وبَكى مَن حَولَه لبُكائِه.
فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُبيِّنًا سببَ بُكائِه: «استَأْذنْتُ رَبِّي في أنْ أَستغفِرَ لَها»؛ وذلك بالدُّعاءِ بغُفرانِ الذُّنوبِ ومَحوِها، «فَلم يُؤذَنْ لي»؛ لأنَّها كافِرةٌ، وَالاستِغفارُ للكافِرينَ لا يَجوزُ؛ لأنَّ اللهَ لا يَغفِرُ لَهم أَبدًا، كما في قولِه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه اسْتأذَنَ في زِيارةِ قَبرِ أُمِّه، فأَذِنَ اللهُ عزَّ وجلَّ له في ذَلكَ، ثُمَّ قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «فَزُوروا القُبورَ؛ فإِنَّها»، أي: القُبورَ أو زِيارَتَها «تُذَكِّرُ الموتَ»، وذِكْرُ الموتِ يرقِّقُ القُلوبَ المُؤمِنةَ، وخاصَّةً إذا حَضَرها مَعاني الفَناءِ، والبعثِ والنُّشورِ، والسُّؤالِ والوُقوفِ بينَ يدَيِ اللهِ.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن الِاستِغفارِ لِمَن ماتَ عَلى غيرِ مِلَّةِ الإِسْلامِ.
وفيهِ: زِيارةُ قُبورِ الوَالِدَينِ غيرِ المُسلمَينِ.
وفيهِ: أنَّ زِيارةَ القُبورِ تُذَكِّرُ بالموتِ وبِالآخِرةِ.
وفيه: البُكاءُ عندَ حُضورِ المقابِرِ وزيارَتِها.