الموسوعة الحديثية


- عن أسماءَ بنتِ يزيدَ أنَّها كانَت عندَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، والرِّجالُ والنِّساءُ قُعودٌ ، فقالَ : لعلَّ رجُلًا يقولُ ما يفعَلُ بأَهْلِهِ ، ولعلَّ امرأةً تخبِرُ بما فعلَت معَ زَوجِها ؟ ! فأرمَّ القومُ ، فقلتُ : إي واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ ! إنَّهنَّ ليفعَلنَ ، وإنَّهم ليفعَلونَ . قالَ : فلا تفعَلوا ، فإنَّما ذلِكَ مَثَلُ الشَّيطانِ لقيَ شيطانةً في طَريقٍ فغَشيَها والنَّاسُ ينظُرونَ
الراوي : أسماء بنت يزيد أم سلمة الأنصارية | المحدث : الألباني | المصدر : آداب الزفاف | الصفحة أو الرقم : 71 | خلاصة حكم المحدث : صحيح أو حسن على الأقل بشواهده
شَرعَ اللهُ عَقدَ الزَّواجِ وسَمَّاه ميثاقًا غَليظًا؛ وذلك لِما يَقتَضيه هذا العَقدُ بَينَ الزَّوجَينِ مِن حُقوقٍ وواجِباتٍ على كُلٍّ مِنهما أن يُؤَدِّيَها حَتَّى تَستَقيمَ الحَياةُ الزَّوجيَّةُ، ومِنَ الحُقوقِ المُعاشَرةُ بالمَعروفِ وأن يَحفظَ كُلٌّ مِنَ الزَّوجَينِ ما يَقَعُ مِنهما مِمَّا يَتَعَلَّقُ بأُمورِ الجِماعِ والمُعاشَرةِ، ولا يُفشيا ذلك لأحَدٍ؛ فقد أنكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَلى من يُفشي ذلك، ففي الحَديثِ: بَينَما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والرِّجالُ والنِّساءُ قُعودٌ عِندَه يَستَمِعونَ خُطبَتَه قال: لَعَلَّ رَجُلًا يَقولُ ما يَفعَلُ بأهلِه! أي: بكَيفيَّةِ جِماعِه لأهلِه، ولَعَلَّ امرَأةً تُخبرُ بما فعَلَت مَعَ زَوجِها! أي: بما فعَلَته مِن أمرِ الجِماعِ، فأرَمَّ القَومُ، أي: سَكَتوا ولَم يُجيبوا. وإنَّما سَألَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك ليُعلمَ ما يَتَعَلَّقُ به مِنَ الثَّوابِ والعِقابِ؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَم يَسألْ عن هذا السُّؤالِ إلَّا لإظهارِ فائِدةٍ شَرعيَّةٍ. فقالت أسماءُ بنتُ يَزيدَ رَضيَ اللهُ عنها: إي واللهِ يا رَسولَ اللهِ، أي: نَعَم يا رَسولَ اللهِ، إنَّهنَّ ليَفعَلنَ، أي: يُخبرنَ بما يَحصُلُ مَعَ أزواجِهنَّ، وإنَّهم لَيَفعَلونَ، أي: يُخبرونَ بما صَنَعوا مَعَ زَوجاتِهم! فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فلا تَفعَلوا، أي: لا يُخبِرْ أحَدٌ بما يَحصُلُ مِنه مَعَ زَوجَتِه بأُمورِ الجِماعِ؛ فإنَّما ذلك، أي: في الوقاحةِ وعَدَمِ الحَياءِ، مِثلُ الشَّيطانِ لَقيَ شَيطانةً في طَريقٍ فغَشيَها، أي: جامَعَها، والنَّاسُ يَنظُرونَ، أي: إظهارُ ما جَرى بَينَ الإنسانِ وأهلِه بالقَولِ كإظهارِه بالفِعلِ، وإظهارُه بالفِعلِ لا يَجيءُ إلَّا مِن مِثلِ الشَّيطانِ؛ فإظهارُه بالقَولِ كذلك. وهذا فيه تَبيينٌ لبَشاعةِ وقُبحِ إفشاءِ أُمورِ الجِماعِ، وإنَّما ضَرب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المَثَلَ بالشَّيطانِ؛ لأنَّ الحامِلَ على التَّحَدُّثِ بأُمورِ الجِماعِ هو الشَّيطانُ، ويُحتَمَلُ أنَّ هذا فِعلُ الشَّيطانِ والشَّيطانةِ يَفعَلانِ حَقيقةً في الطَّريقِ فشَبَّه فِعلَه بفِعلِهما. والمَعنى: أنَّ الرَّجُلَ له مَعَ أهلِه خَلوةٌ وحالةٌ يَقبُحُ ذِكرُها والتَّحَدُّثُ بها، ويَلزَمُ مِن كَشفِها عارٌ عِندَ أهلِ المُروءةِ والحَياءِ؛ فإن تَكَلَّمَ بشَيءٍ مِن ذلك وأبداه كان مِثلَ كَشفِ عَورةِ نَفسِه وزَوجَتِه؛ إذ لا فَرقَ بَينَ كَشفِها للعِيانِ وكَشفِها للأسماعِ والآذانِ؛ إذ كُلٌّ مِنهما يَحصُلُ به الاطِّلاعُ على العَورةِ.
وفي الحَديثِ نَهيُ الزَّوجَينِ عن ذِكرِ أُمورِ الجِماعِ أمامَ النَّاسِ.
وفيه مَشروعيَّةُ ضَربِ الأمثالِ لتَقريبِ الفَهمِ للسَّامِعينَ .
تم نسخ الصورة