الموسوعة الحديثية


- ما تقولونَ في الزِّنا ؟ قالوا : حرَّمَهُ اللَّهُ ورسولُهُ ، فَهوَ حرامٌ إلى يومِ القيامةِ ، قالَ : فقالَ رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ – لأصحابِهِ : لأن يزنيَ الرَّجلُ بعَشرِ نسوةٍ ، أيسَرُ علَيهِ من أن يزنيَ بامرأةِ جارِهِ ، قالَ : فقالَ : ما تَقولونَ في السَّرقةِ ؟ قالوا : حرَّمَهَ اللَّهُ ورسولُهُ فَهيَ حرامٌ ، قالَ : لأن يسرقَ الرَّجلُ من عشرةِ أبياتٍ ، أيسَرُ علَيهِ مِن أن يَسرقَ من جارِه .
الراوي : المقداد بن عمرو بن الأسود | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند | الصفحة أو الرقم : 1141 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه أحمد (23854)، والبزار (2115)، والطبراني (20/257) (605) باختلاف يسير
عَظَّمَتِ الشَّريعةُ من مَكانةِ الجارِ، وجاءَ التَّأكيدُ على حَقِّه، والوصيَّةُ به في الكِتابِ والسُّنَّةِ، فللجارِ حُقوقٌ عَظيمةٌ، وحَذَّرَتِ الشَّريعةُ أيضًا مِن إيذاءِ الجارِ وأنَّه لا يُؤمِنُ مَن يُؤذي جارَه، بَل جَعَلَت أنَّ المَعصيةَ مَعَ الجارِ أشَدُّ جُرمًا وقُبحًا مِن فِعلِها مَعَ غَيرِ الجارِ؛ فقد قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للصَّحابةِ مُبَيِّنًا لَهم ذلك: ما تَقولونَ في الزِّنا؟ أي: ماذا تَعُدُّونَ جَريمةَ الزِّنا؟ فقال الصَّحابةُ: حَرَّمه اللَّهُ ورَسولُه، فهو حَرامٌ إلى يَومِ القيامةِ، أي: أنَّه مُحَرَّمٌ بتَحريمِ اللهِ له في الكِتابِ وتَحريمِ رَسولِه في السُّنَّةِ، فهو حَرامٌ تَحريمًا مُؤَكَّدًا مُؤَبَّدًا إلى يَومِ القيامةِ. فلَمَّا سَمِعَ مِنهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذا القَولَ، قال لَهم: لأن يَزنيَ الرَّجُلُ بعَشرِ نِسوةٍ أيسَرُ عليه مِن أن يَزنيَ بامرَأةِ جارِه! أي: فاعلَموا أنَّ كَونَ الرَّجُلِ يَزني بعَشرةِ نِسوةٍ لَسنَ مِن جيرانِه أهوَنُ عليه في العَذابِ والإثمِ مِن أن يَزنيَ بامرَأةِ جارِه، وإنَّما كان الزِّنا بامرَأةِ الجارِ أشَدَّ وأفظَعَ مِنَ الزِّنا بغَيرِها؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى جَعل للجِوارِ حَقًّا، وأمَر الجارَ بالإحسانِ إلى الجارِ، فمَن زَنى بامرَأةِ جارِه فقد أساءَ إليه؛ وذلك لأنَّ الجارَ يَأمَنُ على جارِه، والمُتَوقَّعُ مِنه أن يَحميَه ولا يَخونَه، فإذا عَكَسَ الجارُ هذا الأمرَ واستَغَلَّ قُربَه مِن جارِه وأمْنَه مِنه، فزَنى بامرَأتِه، كان ذَنبُه أشَدَّ جُرمًا ومُضاعَفًا على غَيرِه. ثُمَّ قال لَهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما تَقولونَ في السَّرِقةِ؟ أي: ماذا تَعُدُّونَ جَريمةَ السَّرِقةِ؟ فقال الصَّحابةُ: حَرَّمه اللَّهُ ورَسولُه، فهيَ حَرامٌ، أي: أنَّ اللَّهَ تعالى حَرَّم السَّرِقةَ في كِتابِه وحَرَّمها رَسولُه في سُنَّتِه، فهيَ مُحَرَّمةٌ تَحريمًا مُؤَكَّدًا. فقال لَهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لأن يَسرِقَ الرَّجُلُ مِن عَشَرةِ أبياتٍ أيسَرُ عليه مِن أن يَسرِقَ مِن جارِه، أي: فاعلَموا أنَّ كَونَ الرَّجُلِ يَسرِقُ مِن عَشَرةِ بُيوتٍ أهونُ عليه في العَذابِ والإثمِ مِن أن يَسرِقَ بَيتَ جارِه؛ وذلك لأنَّ الجارَ مِمَّن يُتَوقَّعُ مِنه الحِفظُ والإعانةُ، وهو أعرَفُ بمَكامِنِ البَيتِ ومَحالِّ الأشياءِ الثَّمينةِ مِن غَيرِه، فسَرِقتُه أكبَرُ ذَنبًا مِن سَرِقةِ غَيرِه.
وفي الحَديثِ بَيانُ تَحريمِ الزِّنا.
وفيه أنَّ بَعضَ الزِّنا أكبَرُ إثمًا مِن بَعضٍ.
وفيه بَيانُ تَحريمِ السَّرِقةِ.
وفيه تَحذيرٌ عَظيمٌ مِن أذى الجارِ بكُلِّ طَريقٍ مِن فِعلٍ أو قَولٍ.
وفيه بَيانُ الوعيدِ الشَّديدِ فيمَنِ انتَهَكَ حُرمةَ جارِه .
تم نسخ الصورة