- سُئِلَ [أي النبي صلى الله عليه وسلم]: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ؟ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقالَ: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ.
الراوي :
أبو هريرة
| المحدث :
مسلم
| المصدر :
صحيح مسلم
| الصفحة أو الرقم :
1163
| خلاصة حكم المحدث :
[صحيح]
الصَّلاةُ والصِّيامُ مِن أركانِ الإسْلامِ، وقدْ حدَّدَ اللهُ فَرائضَ الصَّلاةِ بخَمسِ صَلواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ، وحدَّدَ صِيامَ الفَرْضِ بصِيامِ شَهرِ رَمضانَ، ولكنْ مَن أرادَ التَّطوُّعَ بنافِلةٍ مِن جِنسِ هاتَينِ العِبادتَينِ، فقد حدَّدَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوقاتًا فاضلةً يؤجَرُ عليها العبدُ بأفضَلِ الأجْرِ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئل عنِ الأوْقاتِ والحالاتِ الأفضلِ للتَّنفُّلِ والتَّطوُّعِ في الصَّلاةِ والصِّيامِ، فسألَه سائلٌ: ما أفضَلُ الصَّلواتِ بعْدَ أداءِ الصَّلواتِ الخَمسِ المَفروضةِ الَّتي لا بُدَّ مِن أدائِها؟ وهي أفضَلُ ما يتقرَّبُ بها العبدُ لله عزَّ وجلَّ قبلَ التَّفكيرِ في النَّوافلِ والزِّياداتِ والتَّطوُّعِ لِمَن أرادَ، فَقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُوضِّحًا ومُبيِّنًا: «أفضَلُ الصَّلاةِ بعْدَ الصَّلاةِ المَكتوبةِ، الصَّلاةُ في جَوفِ اللَّيلِ»؛ وذلك أنَّ صَلاةَ اللَّيلِ أبعَدُ عنِ الرِّياءِ، وأقرَبُ إلى الإخْلاصِ، وليتمَكَّنَ المصلِّي منَ الصَّلاةِ بتَفرُّغِه لها، وهُدوءِ بالِه منَ الأشْغالِ النَّهاريَّةِ، وهي أعوَنُ على تذكُّرِ القرآنِ والسَّلامةِ من نِسيانِ بعضِ الآياتِ، والمُرادُ بجَوفِ اللَّيلِ: الثُّلثُ الآخِرُ.
وسُئِلَ عن أفضَلِ الصَّومِ بعدَ الصَّومِ المَفروضِ في رَمضانَ، فأجابَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أفضَلَ الصِّيامِ بَعدَ شَهرِ رَمضانَ، هو صِيامُ شَهرِ اللهِ المُحرَّمِ؛ وهو مِنَ الأشهُرِ الحُرُمِ الَّتي نَهى اللهُ فيها عنِ القتالِ، وإضافةُ الشَّهرِ للهِ إضافةُ تَعظيمٍ، وهو أوَّلُ شَهرٍ في العامِ الهِجْريِّ، فهو سَببٌ لِيَفتتِحَه بفِعلِ الخَيرِ واستِقْبالِه بالعِبادةِ؛ وذلِكَ مِن أفضَلِ الأعْمالِ، كما يُستقبَلُ أوَّلُ النَّهارِ بالأذْكارِ، فيُرْجى بذلِكَ أنْ يكونَ مُكفِّرًا لباقي العامِ، كما في فَضيلةِ الذِّكْرِ في أوَّلِ النَّهارِ. ويَحتمِلُ أيضًا أنَّه لَمَّا كانَ القِتالُ مُحرَّمًا في المُحرَّمِ، وكانَ انتِهازُ وَقتِه للصَّومِ فُرصةً مِن أجْلِ أنَّ أَوقاتَ إباحةِ القِتالِ لا يَقتَضي أنْ يَكونَ المُؤمنُ فيها صائمًا؛ لأنَّ الصَّومَ يُضعِفُ أَهلَه.
وَفي الحَديثِ: بيانُ فَضيلةِ الصَّلاةِ في جَوفِ اللَّيلِ.
وَفيه: بَيانُ فَضيلةِ صومِ شَهرِ المُحرَّمِ.
وَفيه: بَيانُ أنَّ التَّطوُّعَ والنَّوافلَ تَكونُ بعدَ أَداءِ الفَرائضِ.