- أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَتَى مِنًى، فأتَى الجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بمِنًى وَنَحَرَ، ثُمَّ قالَ لِلْحَلَّاقِ: خُذْ، وَأَشَارَ إلى جَانِبِهِ الأيْمَنِ، ثُمَّ الأيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ.
[وفي رواية]: فَقالَ لِلْحَلَّاقِ: هَا، وَأَشَارَ بيَدِهِ إلى الجَانِبِ الأيْمَنِ هَكَذَا، فَقَسَمَ شَعَرَهُ بيْنَ مَن يَلِيهِ، قالَ: ثُمَّ أَشَارَ إلى الحَلَّاقِ وإلَى الجَانِبِ الأيْسَرِ، فَحَلَقَهُ فأعْطَاهُ أُمَّ سُلَيْمٍ.
وفي رواية: قالَ: فَبَدَأَ بالشِّقِّ الأيْمَنِ، فَوَزَّعَهُ الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ بيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ قالَ بالأيْسَرِ، فَصَنَعَ به مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ قالَ: هَا هُنَا أَبُو طَلْحَةَ؟ فَدَفَعَهُ إلى أَبِي طَلْحَةَ.
الراوي :
أنس بن مالك
| المحدث :
مسلم
| المصدر :
صحيح مسلم
| الصفحة أو الرقم :
1305
| خلاصة حكم المحدث :
[صحيح]
الحجُّ أحدُ أركانِ الإسْلامِ الخَمسةِ، وقد بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كيفيَّةَ أداءِ الحجِّ والعُمرةِ بقَولِه وفِعلِه، وأمَرَ بأخْذِ المَناسِكِ عنه؛ فعَلى المسلِمِ أنْ يَقتديَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وصَلَ إلى مِنًى بعدَ المَبيتِ بالمُزدَلِفةِ، ثمَّ رمَى جَمرةَ العَقَبةِ الكُبرى صَبيحةَ عيدِ الأضْحى في العاشِرِ من ذي الحِجَّةِ، ويكونُ الرَّميُ بحَصًى صغيرٍ بمِثلِ الحِمَّصِ وأصغَرَ مِنَ البُندقِ، أو بقَدرِ حبَّةِ الباقِلَّاءِ. ومِنًى: وادٍ يُحيطُ به الجِبالُ، يقَعُ في شَرقِ مكَّةَ على الطَّريقِ بيْنَ مكَّةَ وجبَلِ عَرَفةَ، ويَبعُدُ عنِ المسجِدِ الحرامِ نحوَ سِتَّةِ كِيلومتراتٍ تَقريبًا، وهو مَوقِعُ رمْيِ الجَمَراتِ وتُذبَحُ فيه الهَدايا.
ثمَّ بعدَ الرَّميِ أتى مَنزلَه الَّذي يُقيمُ فيه بمِنًى وذبَحَ ما كانَ معَه من هَديٍ، وكان عَددُه مائةً، وقد نحَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِه ثلاثًا وستِّينَ، وأمَرَ عليًّا أنْ يَنحَرَ بقيَّةَ المائةِ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ.
ثمَّ أمَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحَلَّاقَ أنْ يحلِقَ شَعرَه، وأشارَ إلى جانبِه الأيمنِ ليَبدأَ الحلَّاقُ به، ثمَّ إلى الجانبِ الأيسَرِ، والحَلقُ أوِ التَّقصيرُ نُسكُ الإحْلالِ من أعْمالِ الحجِّ والعُمرةِ، ثمَّ أخَذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعطِي هذا الشَّعرَ للنَّاسِ؛ من أجْلِ التَّبرُّكِ بشَعرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقَسَّمَ على النَّاسِ شَعرَ الجانبِ الأيمنِ، ثُمَّ أخَذَ شَعرَ الجانبِ الأيسَرِ وأعْطاهُ لأُمِّ سُلَيمٍ -كما في رِوايةٍ. وفي رِوايةٍ أُخْرى: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعْطَى شَعرَ الجانبِ الأيسَرِ لأبي طَلحةَ.
وفي الحَديثِ: بيانُ بعضِ أعْمالِ الحجِّ في مِنًى؛ ومِنها: رَميُ الجَمْرةِ الكُبْرى، ثُمَّ الحَلقُ معَ البَدْءِ بالجانبِ الأيمنِ ثُمَّ الأيسَرِ.
وفيه: التَّبرُّكُ بآثارِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهذا أمرٌ خاصٌّ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: بيانُ طَهارةِ شَعرِ الآدَميِّ.
وفيه: أنَّ حَلقَ الرَّأسِ أفضَلُ منَ التَّقصيرِ اقْتداءً بفِعلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.