الموسوعة الحديثية


-  سَأَلْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ وَأَنَا أُرَى أنَّ عِنْدَهُ منه عِلْمًا، فَقالَ: إنَّ هِلَالَ بنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، وَكانَ أَخَا البَرَاءِ بنِ مَالِكٍ لِأُمِّهِ، وَكانَ أَوَّلَ رَجُلٍ لَاعَنَ في الإسْلَامِ، قالَ: فلاعَنَهَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَبْصِرُوهَا؛ فإنْ جَاءَتْ به أَبْيَضَ سَبِطًا قَضِيءَ العَيْنَيْنِ، فَهو لِهِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ، وإنْ جَاءَتْ به أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَهو لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، قالَ: فَأُنْبِئْتُ أنَّهَا جَاءَتْ به أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1496 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
بيَّنَ الشَّرعُ أحْكامَ الزَّواجِ بيْنَ الرَّجُلِ والمرأَةِ، كما أوضَحَ أحْكامَ رَميِ الزَّوجِ زَوجَتَه بالزِّنا ولا تُوجَدُ البيِّنةُ، وما يَترتَّبُ على ذلك منَ المُلاعَنةِ وغيرِها من أحْكامِ الفُرقةِ، لحِفْظِ الأنْسابِ، ودَفْعِ المعَرَّةِ عَنِ الأزْواجِ، ودَرْءِ حدِّ القَذْفِ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ محمَّدُ بنُ سيرينَ أنَّه سألَ أنَسَ بنَ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه عن مَسألةٍ وهو يظُنُّ أنَّه عندَه عِلمٌ بها، وهي مَسألةُ اللِّعانِ الَّذي يقَعُ بينَ الزَّوجَينِ إذا رَمى الزَّوجُ زَوجتَه بالزِّنا دونَ أنْ يكونَ عندَه بيِّنةٌ منَ الشُّهودِ، فأخبَرَه أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ هِلالَ بنَ أُميَّةَ الواقِفيَّ رَضيَ اللهُ عنه -وهو أحدُ الثَّلاثةِ الَّذينَ خُلِّفوا وتِيبَ عليهم بعدَ غَزوةِ تَبوكَ- كان قدِ اتَّهَم امرأتَهُ بالزِّنا معَ رَجلٍ اسْمُه شَرِيكُ ابنُ سَحْمَاءَ، وكان شَريكُ ابنُ سَحْماءَ هذا أخًا للبَراءِ بنِ مالكٍ، والبَراءُ أخو أنسِ بنِ مالكٍ من أبيهِ.
وكان هِلالُ بنُ أُميَّةَ رَضيَ اللهُ عنه أوَّلَ رَجُلٍ لاعَنَ في الإسْلامِ، واللِّعانُ: أنْ يُقسِمَ الرَّجلُ أرْبَعَ مرَّاتٍ أنَّه صادِقٌ في رَميِ زَوجَتِهِ بالزِّنا، وفي الخامسةِ يُقسِمُ أنَّ عليه لَعنةَ اللهِ إنْ كان كاذبًا، ثمَّ تَتَقدَّمُ المرأةُ فتُقسِمُ أرْبَعَ مرَّاتٍ أنَّ زوْجَها كاذبٌ، وفي الخامسةِ تُقسِمُ أنَّ عليها غضَبَ اللهِ إنْ كان صادقًا، ووقَعَ التَّلاعُنُ بينَهما، وبعدَ ذَهابِهما، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أبْصِروها»، أي: انظُروا إلى صِفاتِ الوَليدِ؛ حتَّى نَعرِفَ الكاذبَ منهما، وذلك أنَّها كانتْ قد حمَلَتْ في تلك المدَّةِ، فإنْ جاءَ الولَدُ «أبيضَ سَبِطًا»، أي: صاحبَ شَعرٍ مُسْترسلٍ، «قَضِيءَ العَينَيْنِ»، أي: فاسدَ العَينَيْنِ، بسبَبِ الدَّمْعِ أو الِاحْمِرارِ أو غيرِ ذلك، «فهُوَ لهلالِ بنِ أُميَّةَ»، أي: أنَّ أباه هو هلالٌ؛ لأنَّه على هذا الوصْفِ، «وإنْ جاءَتْ به أكْحَلَ»، أي: أسْودَ الأجْفانِ، «جَعْدًا»، أي: صاحبَ شَعرٍ مُلْتوٍ مُتكسِّرٍ، «حَمْشَ السَّاقَيْنِ»، أي: دَقيقَ السَّاقَيْنِ معَ نُحولةٍ فيهما، فإنَّ أباه هو شَريكُ ابنُ سَحْمَاءَ، فأخبَرَ أنسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه أُخبِرَ أنَّ الولَدَ جاء على وَصْفِ شَرِيكِ ابنِ سَحْمَاءَ الَّذي اتُّهِمَتْ به.
وفي الحَديثِ: بيانُ أنَّ الأصْلَ في حُكمِ اللِّعانِ أنْ يقَعَ بينَ الرَّجلِ وامْرأتِه إذا قذَفَها بالزِّنا، ولم يكُنْ له شاهدٌ إلَّا نفْسُه.
وفيه: أنَّ اللِّعانَ يكونُ بحَضْرةِ الإمامِ، أو القاضي، وبمجمَعٍ منَ النَّاسِ.
تم نسخ الصورة