- أنَّ أُناسًا من أَهْلِ العراقِ جاءوا فقالوا : يا ابنَ عبَّاسٍ أترى الغُسلَ يومَ الجمعةِ واجِبًا قالَ : لا ولَكِنَّهُ أطهَرُ وخيرٌ لمنِ اغتسلَ ومن لم يغتَسِلْ فليسَ علَيهِ بواجبٍ وسأخبرُكُم كيفَ بدء الغسلُ كانَ النَّاسُ مَجهودينَ يلبسونَ الصُّوفَ ويعمَلونَ على ظُهورِهِم وَكانَ مسجدُهُم ضيِّقًا مقارِبَ السَّقفِ إنَّما هوَ عريشٌ فخرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في يومٍ حارٍّ وعرِقَ النَّاسُ في ذلِكَ الصُّوفِ حتَّى ثارت منهم رياحٌ آذى بذلِكَ بعضُهُم بَعضًا فلمَّا وجدَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ تلكَ الرِّيحَ قالَ : أيُّها النَّاسُ إذا كانَ هذا اليومَ فاغتَسِلوا وليمَسَّ أحدُكُم أفضلَ ما يجدُ من دَهْنِهِ وطيبِهِ قالَ ابنُ عبَّاسٍ : ثمَّ جاءَ اللَّهُ بالخيرِ ولبِسوا غيرَ الصُّوفِ وَكُفوا العملَ ووُسِّعَ مسجدُهُم وذَهَبَ بعضُ الَّذي كانَ يُؤذي بعضُهُم بَعضًا منَ العرَقِ
الراوي :
عبدالله بن عباس
| المحدث :
الألباني
| المصدر :
صحيح أبي داود
| الصفحة أو الرقم :
353
| خلاصة حكم المحدث :
حسن
| التخريج :
أخرجه أبو داود (353) واللفظ له، وابن خزيمة (1755)، والحاكم (1038)
الإسلامُ دِينُ الطُّهْرِ والطَّهارةِ والنَّظافةِ، جاءتْ آيُ القرآنِ الكريمِ ونُصوصُ الحديثِ الشَّريفِ تُؤَكِّدُ على أهميَّة الطَّهارةِ، وضَرورةِ النَّظافةِ عند المُسلِمين.
وفي هذا الحديثِ: أنَّ أُناسًا من أَهْلِ العِراقِ "جاؤوا"، أي: حَضَروا إلى ابنِ عَبَّاسٍ يسألونه، فقالوا: يا ابنَ عَبَّاسٍ، "أَتَرَى الغُسْلَ يومَ الجُمعةِ واجِبًا"، أي: هل غُسْلُ الجُمعةِ واجِبٌ على كُلِّ مُسلِمٍ؟ قال: "لا"، أي: ليس بواجِب، "ولكنَّه أَطْهَرُ" من حيث النَّظافةُ والطَّهارةُ، "وخيرٌ لِمَن اغْتَسَلَ" من حيثُ الأَجْرُ والثَّوابُ واتِّباعُ السُّنَّةِ، "ومَنْ لمْ يَغتسِل فليس عليه بواجِبٍ"، أي: فلا إِثْمَ على مَنْ لمْ يَغتسِل.
ثم قال رضِي اللهُ عنهما: "وسَأُخْبِرُكم كيف بَدْءُ الغُسْلِ"، أي: وسَأُوَضِّحُ لكم كيف بَدْءُ أَمْرِ غُسْلِ الجُمعةِ، كان النَّاسُ "مَجْهودِين"، أي: مُتْعَبِينَ قد أَصَابَهم التَّعَبُ والمَشَقَّةُ، أو كانوا فُقراء "يَلْبِسون الصُّوفَ"، أي: ثِيابًا مَصنوعَةً من الصُّوفِ، "ويعملون على ظُهورِهم"، أي: يَحمِلون أَحمالًا على ظُهورِهم فَيخرُج منهم العَرَقُ، "وكان مَسجِدُهم ضَيِّقًا"، وهو مسجدُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، "مُقَارِبَ السَّقْفِ"، أي: كان سَقْفُهُ قَريبًا وليس مُرتَفِعًا عالِيًا، "إنَّما هو عَرِيشٌ"، أي: مُعَرَّشُ بِجَرِيدِ النَّخْلِ، فَخَرَجَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في "يومٍ حَارٍّ"، أي: يومٍ شَديدِ الحَرارةِ، "وعَرِقَ النَّاسُ في ذلك الصُّوفِ"، أي: وسَالَ منهم العَرَقُ بسببِ شِدَّةِ الحَرارةِ ولُبْسِ الصُّوفِ، "حتَّى ثارَتْ منهم رِياحٌ"، أي: حتَّى ظَهرتْ رَوائِحُ كَريهَةٌ من العَرَقِ، "آذَى بذلك بعضُهم بعضًا"، أي: تَأذَّى بعضُهم من بعضٍ بسببِ كَراهةِ الرَّائِحةِ التي خَرجتْ منهم بسبب العَرَقِ، قال: فلَمَّا وَجَدَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم "تِلك الرِّيحَ"، أي: الرَّائِحةَ الكَريهةَ، قال: "أَيُّها النَّاسُ، إذا كان هذا اليومُ"، أي: إذا جاءَ يومُ الجُمعةِ، "فاغْتَسِلوا"، أي: تَطَهَّرُوا وتَنَظَّفُوا، "وَلْيَمَسَّ"، أي: وليَسْتَخْدِم ويَسْتَعْمِل، "أَحَدُكم أَفْضَلَ ما يَجِدُ من دُهْنِهِ وطِيبِهِ"، فيَتَعَطَّر ويَتَطَيَّب.
قال ابنُ عَبَّاسٍ: "ثُمَّ جاء الله بالخيرِ"، أي: فَتَحَ اللهُ عليهم بالخيرِ والسَّعَةِ في الرِّزْقِ، "ولَبِسُوا غيرَ الصُّوفَ"، أي: ولَبِسُوا ثِيابًا من القُطْنِ والكَتَّانِ وغيرها، " وَكُفُوا العَمَلَ"، أي: وصارَ لهم خَدَمٌ يَخْدُمونَهم ويَكْفُونَهم مَشَقَّةَ العَمَلِ، "وَوُسِّعَ مَسْجِدُهُمْ"، أي: وصارَ المسجدُ واسِعًا، "وذَهَبَ بعضُ الَّذي كان يُؤذِي بعضُهم بعضًا من العَرَقِ"، أي: وذَهَبَتِ الرَّائِحةُ الكَريهةُ التي كانتْ تَخرُج منهم بسببِ العَرَقِ؛ فَيُؤذِي بعضُهم بعضًا من كَراهةِ الرَّائِحةِ.
وفي الحديثِ: فَضْلُ الاغْتِسالِ يومَ الجُمعةِ.
وفيه: الحَثُّ على اسْتِخْدامِ العُطورِ عند الذِّهابِ لصَلاةِ الجُمعةِ.
وفيه: النَّهْيُ عن إِهمالِ النَّظافةِ وتَرْكِ الرَّوائِحِ الكَريهةِ بالجَسدِ يومَ الجُمعةِ.