الموسوعة الحديثية


- قالَت عائشَةُ: يا ابنَ أُختي كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ لا يفضِّلُ بعضَنا على بعضٍ في القَسْم، من مُكثِهِ عِندنا، وَكانَ قلَّ يومٌ إلَّا وَهوَ يطوفُ علينا جميعًا، فيدنو مِن كلِّ امرأةٍ من غيرِ مَسيسٍ، حتَّى يبلغَ إلى الَّتي هوَ يومُها فيبيتَ عندَها ولقَد قالَت سودةُ بنتُ زَمعةَ: حينَ أسنَّت وفرَقت أن يفارِقَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يا رسولَ اللَّهِ، يومي لعائشَةَ، فقبِلَ ذلِكَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ منْها، قالت: نقولُ في ذلِكَ أنزلَ اللَّهُ تعالى وفي أشباهِها أراهُ قال: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2135 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَيرَ النَّاسِ لأهلِه، وأكثرَ النَّاسِ عدلًا بينَ زوجاتِه، وأَبعدَ النَّاسِ عن الظُّلمِ.
وفي هذا الحديثِ تَقولُ عائشةُ رضِي اللهُ عنها لِعُروةَ بنِ الزُّبيرِ: "يا بنَ أُختي"، وهي أسماءُ بنتُ أبي بَكرٍ أختُ عائِشةَ، "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يُفضِّلُ بعضَنا على بعضٍ"، أي: لا يُميِّزُ إحدانا على الأُخْرى، ولا يَظلِمُ واحدةً مِن أجلِ الأُخرى، "في القَسْمِ"، أي: في القِسمةِ والنَّصيبِ منه كزَوجٍ، "مِن مُكثِه عِندَنا"، أي: مِن مَبيتِه وجُلوسِه عندَ زَوجاتِه، "وكان قلَّ يومٌ إلَّا وهو"، أي: وكان كثيرًا ما "يَطوفُ علَينا جميعًا"، أي: يَدورُ على زَوجاتِه كُلِّهنَّ واحدةً واحدةً، "فيَدْنو مِن كلِّ امرأةٍ"، أي: فيَقتَرِبُ مِن كلِّ زوجةٍ مِن زوجاتِه، فيَمكُثُ عِندَها ويُعطيها حظَّها مِنه، "مِن غيرِ مَسيسٍ"، أي: مِن غيرِ جِماعٍ ومُعاشَرةٍ، إنَّما كان يتَفقَّدُ أحوالَهنَّ ويَطمئِنُّ عليهنَّ، "حتَّى يَبلُغَ إلى الَّتي هو يومُها، فيَبيتُ عِندَها"، أي: حتَّى يَأتيَ دَورُ التي عِندَها المَبيتُ فيَبيتُ عِندَها ويُجامِعُها، ويُعطيها حظَّها منه كزَوجٍ، ولقد قالَت "سَودةُ بنتُ زَمعةَ"، وهي زوجةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "حينَ أسنَّتْ"، أي: حينَ كَبِرَت في السِّنِّ، "وفَرِقَت"، أي: خشِيَت وخافَت، "أن يُفارِقَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: يُطلِّقَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقالَت: "يا رسولَ اللهِ، يَومي لعائشةَ"، أي: إنَّ سودةَ تنازَلَت عن يومِها ومَبيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِندَها لعائشةَ؛ حيث أرادَت سودةُ أن تَبْقى في عِصمَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فوهَبَت نصيبَها منه كزوجةٍ لعائشةَ، "فقَبِلَ ذلك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منها"، أي: فقَبِل تنازُلَها عن يومِها لعائشةَ، فكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدخُلُ على سودةَ، ويُؤنِسُها ويَطمئِنُّ عليها، إلَّا أنَّه لا يَبيتُ عِندَها حيثُ وهبَت يومَها لعائشةَ.
"قالَت"، أي: عائشةُ: "نَقولُ: في ذلك"، أي: في مِثلِ هذا الأمرِ "أنزَل اللهُ تعالى"، أي: أنزلَ وحيًا قُرآنًا يُتلى، "وفي أشباهِها"، أي: وفي مِثلِ هذه الحالةِ، "أراه قال: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128]"، أي: أنزَل اللهُ هذه الآياتِ التي في سورةِ النِّساءِ مِن أجلِ هذا الأمرِ. ونُشوزُ الزَّوجِ عن زوجتِه إعراضُه عنها، وعدمُ رغبتِه فيها.
وفي الحديثِ: بيانُ كَيف تكونُ العلاقةُ الزَّوجيَّةُ، وخاصَّةً للرَّجلِ ذي الزَّوجاتِ، ولُزومِ العدلِ في القِسمةِ بينَهنَّ، وعدمِ تَفضيلِ إحداهنَّ على الأخرى.
وفيه: بيانُ كيف يُؤانِسُ الزَّوجُ زَوجاتِه بالطَّوافِ عليهنَّ؛ للاطمِئْنانِ والمؤانَسةِ.
وفيه: هِبةُ إحدى الزَّوجاتِ حقَّها للأُخرى.