- إنَّها لا تتمُّ صلاةُ أحدِكم حتَّى يُسبِغَ الوضوءَ كما أمرَهُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فيغسلَ وجْهَهُ ويديْهِ إلى المرفقينِ ويمسحَ برأسِهِ ورجليْهِ إلى الْكعبينِ ثمَّ يُكبِّرَ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ويحمدَهُ ثُمَّ يقرأَ منَ القرآنِ ما أذنَ لَهُ فيهِ وتيسَّرَ فذَكرَ نحوَ حديثِ حمَّادٍ قالَ ثمَّ يُكبِّرَ فيسجدَ فيمَكِّنَ وجْهَهُ - قالَ همَّامٌ وربَّما قالَ جبْهتَهُ منَ الأرضِ - حتَّى تطمئنَّ مفاصلُهُ وتسترخيَ ثمَّ يُكبِّرَ فيستويَ قاعدًا على مقعدِهِ ويقيمَ صلبَهُ فوصفَ الصَّلاةَ هَكذا أربعَ رَكعاتٍ حتَّى فرغَ ( قالَ ) لا تتمُّ صلاةُ أحدِكم حتَّى يفعلَ ذلِكَ
الراوي :
رفاعة بن رافع
| المحدث :
الألباني
| المصدر :
صحيح أبي داود
| الصفحة أو الرقم :
858
| خلاصة حكم المحدث :
صحيح
هذا الحديثُ مُختصَرٌ مِن حديثٍ آخَرَ، وفيه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم طلَبَ مِن رجلٍ لا يُحسِنُ الصَّلاةَ أن يُعيدَها، فحاوَل الرَّجلُ أكثرَ مِن مرَّةٍ، حتَّى قال: ما عِبْتَ مِن صَلاتي؟ فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنَّها لا تَتِمُّ صَلاةُ أحَدِكم"، أي: لا تَصِحُّ أو لا تَكمُلُ، "حتَّى يُسبِغَ الوُضوءَ"، أي: يُتِمَّه ويُعطِيَ كلَّ عضوٍ حقَّه مِن الماءِ، "كما أمَرَه اللهُ عزَّ وجلَّ"، أي: ممَّا ذكَره اللهُ عزَّ وجلَّ في سورةِ المائدةِ؛ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]، "فيَغسِلَ وجهَه ويدَيْه إلى المِرفَقَينِ"، والمِرفَقُ: المِفْصَلُ الَّذي في مُنتصَفِ الذِّراعِ، "ويَمسَحَ برَأسِه"، أي: يَمسَحَ شَعرَه ورأسَه بالماءِ، "ورِجْلَيه إلى الكَعبَينِ"، أي: ويَغسِلَ رِجلَيه إلى الكعبَينِ، والكَعبُ: هو النُّتوءُ البارِزُ من العَظْمِ على جانِبَيِ القدَمِ.
"ثمَّ يُكبِّرَ اللهَ عزَّ وجلَّ"، أي: تَكْبيرةَ الإحرامِ، "ويَحْمَدَه"؛ قيل: يَحمَدُه بقِراءَةِ الفاتِحَةِ، أو لعلَّ المرادَ دُعاءُ الاستِفْتاحِ الَّذي فيه الحَمدُ والثَّناءُ عليه، "ثمَّ يَقرَأُ مِنَ القرآنِ ما أُذِنَ له فيه وتيَسَّر"، أي: ما تيَسَّر له حِفظُه بعدَما يَقرَأُ الفاتِحةَ.
وقد اختَصَر هنا صِفةَ الرُّكوعِ، فلم يَذكُرْها، وأحالَها على رِوايةِ حمَّادِ بنِ سلَمةَ الَّتي قالَ فيها: "ثمَّ يَقولُ: اللهُ أكبرُ، ثمَّ يَركَعُ حتَّى تطمئِنَّ مَفاصِلُه"، والمِفصَلُ: كلُّ مُلتقَى عَظْمَين مِن الجسَدِ، وفي هذا إشارةٌ إلى إتمامِ حرَكاتِه في الصَّلاةِ واطمِئْنانِهم؛ يَقولُ: "سَمِع اللهُ لِمَن حَمِدَه، حتَّى يَستوِيَ قائمًا"، أي: يَعتدِلَ واقِفًا مِن الرُّكوعِ، قال: "ثُمَّ يُكبِّرُ فيَسجُدُ"، وقوله: "فيُمكِّنُ وجهَه - قال همَّامٌ: وربَّما قال: جَبْهتَه مِن الأرضِ"، أي: يضَعُ وجهَه وجبهتَه ويُلصِقُهما بالأرضِ، والجَبهَةُ: مُقدَّمُ الرَّأسِ.
وهمَّامٌ هذا أحَدُ رُواةِ الحديثِ يَذكُرُ القولَ عَن شَيخِه إسحاقَ بنِ عبدِ اللهِ: "حتَّى تَطمئِنَّ مَفاصِلُه وتَستَرخِيَ"، أي: تَصيرَ غيرَ مَشدودةٍ، "ثمَّ يُكبِّرُ فيَستوِي قاعدًا على مَقعَدِه"، والمَقعَدةُ: هي الأردافُ، وهي مَوضِعُ القُعودِ مِن الجِسْمِ، قال: "ويُقيمُ صُلبَه"، أي: ظَهْرَه، "فوَصَف الصلاةَ هكذا أربعَ ركَعاتٍ"، أي: يُصلِّي في الأربَعِ الرَّكَعاتِ بنَفْسِ صِفةِ الرَّكعةِ الأُولى، "حتَّى فرَغ"، أي: مِن الوَصفِ، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "لا تَتِمُّ صلاةُ أحَدِكم حتَّى يَفعَلَ ذلك"، أي: يأتيَ بكُلِّ ما ذكَره النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم.
وفي الحديثِ: أهميَّةُ إسباغِ الوضوءِ والإتيانِ به على الوجهِ الأكملِ، وترتيبُ الوضوءِ وتقديمُ ما قَدَّمه اللهُ في الذِّكرِ منه.
وفيه: الحثُّ على مُراعاةُ إتمامِ الصَّلاةِ على الوجهِ الأكملِ لها.