- أَلا أُخْبِرُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ. [وفي رواية]: وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فقالَ: ألَا وقَوْلُ الزُّورِ، فَما زالَ يُكَرِّرُها حتَّى قُلْنا: لَيْتَهُ سَكَتَ.
الراوي :
أبو بكرة نفيع بن الحارث
| المحدث :
البخاري
| المصدر :
صحيح البخاري
| الصفحة أو الرقم :
6273
| خلاصة حكم المحدث :
[صحيح]
الذُّنُوبُ الَّتي يقَعُ فيها المُؤمِنُ منها الصَّغائرُ ومنها الكبائرُ، والكبائرُ هي الذُّنوبُ العِظامُ الَّتي تَعلَّقَ بها وَعيدٌ في الآخرةِ، أو حَدٌّ وعُقوبةٌ في الدُّنيا، كَالقتلِ وشُربِ الخَمْرِ والزِّنَا، ونحوِ ذلك مما بَيَّنَه القُرآنُ الكريمُ والسُّنَّةُ النبَوِيَّةُ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأكبرِ هذه الكبائرِ وأعظمِها، وهي الإشراكُ بِاللهِ، وهو نوعانِ؛ أحدُهما: أنْ يَجعَلَ العبدُ للهِ نِدًّا ويَعبُدَ غيرَه؛ مِن حَجرٍ أو شَجَرٍ أو غيرِ ذلك، والثَّاني: هو الشِّركُ الخَفِيُّ، وهو الرِّياءُ، وهو: ما يَتسرَّبُ إلى أعمالِ القُلوبِ وخَفايا النُّفوسِ، وهذا لا يَطَّلِعُ عليه إلَّا علَّامُ الغُيوبِ.
«وعُقوقُ الوالدَيْنِ» وهو الإساءةُ إليهما وعدَمُ الوفاءِ بحَقِّهما، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُتَّكِئًا، فاعتَدَل صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في جِلْسَتِه للتَّنبيهِ على أهميَّةِ ما يقولُ والتحذيرِ منه، وقال: «ألَا وقوْلُ الزُّورِ»، والزُّورُ: هو الباطلُ، ويَشمَلُ الكَذِبَ في القَولِ والشَّهاداتِ وغيرِها، وظَلَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكرِّرُها حتَّى قال أصحابُه في أُنفسِهم: «لَيتَه سَكتَ»؛ لِمَا حَصلَ لهم مِنَ الخوفِ، أو شَفَقةً عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكراهيةً لِما يُزعِجُه.
وقد كرَّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التحذيرَ مِن قَولِ الزُّورِ تنبيهًا على استقباحِه، وكرَّره دون الأوَّلَينِ؛ لأنَّ النَّاسَ يَهُونُ عليهم أمرُه، فيظنُّون أنَّه أقَلُّ مِن سابِقِه، فهوَّل صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمْرَه ونفَّرَ عنه حين كرَّره، وقد حصل في مبالغةِ النَّهيِ عنه ثلاثةُ أشياءَ: الجلوسُ وكان متكِئًا، واستفتاحُه بـ«ألَا» التي تفيدُ تنبيهَ المخاطَبِ وإقبالَه على سماعِه، وتكريرُ ذِكْرِه.
وفي الحَديثِ: التحذيرُ مِن هذه الكبائِرِ التي تُورِدُ صاحِبَها المهالِكَ.