- أتَيتُ الحيرةَ فرأيتُهُم يسجدونَ لمَرزبانٍ لَهُم فقلتُ : رسولُ اللَّهِ أحقُّ أن يُسجَدَ لَهُ ، قالَ : فأتَيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فقلتُ : إنِّي أتَيتُ الحيرةَ فرأيتُهُم يسجدونَ لمَرزبانٍ لَهُم فأنتَ يا رسولَ اللَّهِ أحقُّ أن نسجدَ لَكَ ، قالَ : أرأيتَ لَو مررتَ بقَبري أَكُنتَ تسجدُ لَهُ ؟ قالَ : قلتُ : لا ، قالَ : فلا تفعَلوا ، لَو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ النِّساءَ أن يسجُدنَ لأزواجِهِنَّ لما جعلَ اللَّهُ لَهُم علَيهنَّ منَ الحقِّ
الراوي :
قيس بن سعد
| المحدث :
الألباني
| المصدر :
صحيح أبي داود
| الصفحة أو الرقم :
2140
| خلاصة حكم المحدث :
صحيح دون جملة القبر
| التخريج :
أخرجه أبو داود (2140)
السُّجودُ تَعظيمًا وعِبادةً مِن العِباداتِ التي لا يَستحقُّها إلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ ، وفي هذا الحديثِ أنَّ قيسَ بنَ سَعدٍ رضيَ اللهُ عنهُ أتَى الحِيرةَ، و"الحِيرةُ": بَلدةٌ قديمةٌ بالعِراقِ قربَ الكوفةِ، وكانتْ مَنزلَ الملوكِ، فرآهُم يَسجدونَ لِمَرْزُبانٍ، أي: تَعظيمًا وتَفضيلًا لهُ، و"مَرْزُبانٌ": الفارسُ الشُّجاعُ المقدَّمُ على القومِ دُون الملكِ، فلمَّا رأى قيسٌ ذلكَ، قالَ: لَرسولُ اللهِ أحقُّ أن يُسجدَ لهُ، أي لأنَّه أعظمُ خَلقِ اللهِ؛ فالأَوْلى أنْ يكونَ السجودُ له، فأتَى قيسُ بنُ سَعدٍ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وذَكرَ لهُ ما رأى في الحِيرةِ، وما ينوي أن يَفعلَه مِن السُّجودِ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وقال لرسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "فأنتَ يا رسولَ اللهِ أحقُّ أن نسجُدَ لكَ"، أي: أوْلى وأفضلُ مِن المرْزُبانِ الذي يَسجُدونَ له في الحِيرةِ.
فردَّ عليهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم سائِلًا له: أرأيتَ لو مَررتَ بِقَبري أكنتَ تسجدُ لَه؟ أي: للقبرِ أو لمِنْ بالقبرِ، واستِخدامُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم تَصويرَه للسجودِ عندَ القبرِ؛ لأنَّ الأشهرَ والمتَّبعَ عندَ الناسِ هو السجودُ عندَ قبورِ عُظمائِهمْ، فقالَ قَيسٌ: لا، أي لم أسجدْ. فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: فلا تَفعلوا، أي لا تَسجدوا لي.
ثم قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: لو كُنتُ آمِرًا أحدًا أن يَسجُدَ، أي: لو كانَ هناك سُجودٌ لغيرِ اللهِ، لأمرتُ النِّساءَ أن يَسجُدنَ لأزواجِهِنَّ؛ لِمَا جعَل اللهُ لهم عليهِنَّ من الحقِّ، أي: لِما لهم مِن فَضلٍ، ولعِظَمِ دَورِهم في الحياةِ.
وفي الحديث: أنَّ السُّجودَ مِن أعظمِ أنواعِ التَّعظيمِ.
وفيه: عِظَمُ حقِّ الزَّوجِ على زَوجتِه، والإشارةُ إلى الحثِّ على عدَمِ عِصيانِه
وفي بعض الروايات في صحيح ابن حبان وغيره: « والَّذي نفسي بيدِه لا تُؤدِّي المرأةُ حقَّ ربِّها حتَّى تؤدِّيَ حقَّ زوجِها، حتَّى لو سأَلها نفسَها وهي على قَتَبٍ لم تمنَعْه»، والقَتَب: هو آلةٌ مِن الآلاتِ التي تُوضَعُ على الجمَلِ كالإكافِ لغَيرهِ، وقيل في معناه: إن نساء العرب كن إذا أردن وضع الحمل جلسن على قتب، ليكون أيسر لخروج الولد، وقيل: المعنى وهيَ تَسِيرُ علَى ظَهْرِ البَعيرِ. والمراد منه: حَثُّ المرأةِ على مُطاوَعَةِ زوْجِها وأنَّها لا يَنْبَغي لها الامْتِناعُ في هذه الحالةِ؛ فكَيْفَ في غيْرِها؟!