- عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الرُّؤْيَا، قالَ: أَمَّا الذي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بالحَجَرِ، فإنَّه يَأْخُذُ القُرْآنَ، فَيَرْفِضُهُ، ويَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ.
الراوي :
سمرة بن جندب
| المحدث :
البخاري
| المصدر :
صحيح البخاري
| الصفحة أو الرقم :
1143
| خلاصة حكم المحدث :
[صحيح]
مِن نِعَمِ اللهِ تعالَى على العَبدِ أنْ يُرزَقَ القُرآنَ، فيُقبِلَ على تِلاوتِه وحِفظِه، والعِلمِ بمَعانيهِ والعمَلِ بمُقتضاهُ، ومِن النِّقَمِ أنْ يُرزَقَ العبدُ القُرآنَ فيُهمِلَه، ويَتنكَّبَ طَريقَه؛ فلا حِفظَ ولا تِلاوةَ، ولا عِلمَ ولا عَمَلَ، حتى يَبوءُ بخَسارةِ الدُّنيا والآخرةِ!
وفي هذا الحديثِ يَروي سَمُرةُ بنُ جُندُبٍ رَضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَشهدًا مِن رُؤيا رآها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقصَّها على أصحابِه، وهو مَشهدُ الرَّجُلِ الَّذي يُثلَغُ رَأسُه بالحجَرِ، أي: يُشَقُّ رَأسُه بالحَجَرِ، وبيَّن النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ عِقابَ هذا الرَّجلِ بشَقِّ رَأسِه إنَّما كان على فِعلَينِ؛ الأوَّلُ: أنَّه يَأخُذُ القرآنَ ويَرفِضُه، والرَّفضُ هو التَّركُ، والمعنى: أنَّه رجُلٌ علَّمَه اللهُ القرآنَ وأنْعَمَ عليه به، فأعْرَضَ عنه وأهْمَلَه وتَشاغَلَ، بحيث تَرَكَ حِفظَ حُروفِه وتَعاهُدَه، وتَرَكَ العمَلَ بمَعانيهِ، وقد قال بَعضُ أهلِ العلمِ: رفْضُ القرآنِ بعْدَ حِفظِه جِنايةٌ عَظيمةٌ؛ لأنَّه يُوهِمُ أنَّه رَأى فيه ما يُوجِبُ رَفْضَه، فلمَّا رَفَضَ أشْرَفَ الأشياءِ -وهو القرآنُ- عُوقِبَ في أشرَفِ أعضائِه، وهو الرَّأسُ. وأمَّا إذا ترَكَ حِفظَ حُروفِه لضَعفِ ذاكرتِه، أو كِبَرِ سِنِّه، أو انشغالِه بما لا قِبَلَ له بتَرْكِه، ولكنَّه عمِلَ بمَعانيهِ؛ فليس بِرافضٍ له.
وأمَّا الفعلُ الثَّاني: فهو أنَّه كان يَنامُ عن الصَّلاةِ المكتوبةِ، فيَخرُجُ وَقتُها دونَ أنْ يُصلِّيَها؛ فهذانِ هما الفِعلانِ اللَّذانِ استَحقَّ عليهما العقوبةَ الَّتي رآها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
ولا يَتعارَضُ هذا مع ما رواهُ مُسلمٌ مِن حَديثِ أبي قَتادةَ رَضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أمَا إِنَّهُ ليس في النَّومِ تَفريطٌ» -الذي يعني أنَّه ليس في النَّومِ تَقصيرٌ وإثمٌ؛ لانعِدامِ الاختِيارِ مِن النائمِ؛ فالنائمُ مَرفوعٌ عنه القلَمُ-؛ فهذا فيمَن غَلَبَه النَّومُ، أمَّا مَن يَتعمَّدُ الإهمالَ والتَّقصيرَ، والاسترسالَ في النَّومِ، ويَترُكُ الأخْذَ بأسبابِ الاستيقاظِ للصَّلاةِ حتى يَخرُجَ وقْتُها؛ فهذا هو المُهمِلُ المقصِّرُ عَمدًا، المُستحِقُّ للعُقوبةِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على أخْذِ القُرآنِ وتَعاهُدِه والعمَلِ به، والتَّحذيرُ مِن تَرْكِه والإعراضِ عنه.
وفيه: الحثُّ على أداءِ الصَّلواتِ المَكتوبةِ في وَقتِها، والتَّحذيرُ مِن التَّهاوُنِ في شَأنِها.