هو عُمَرُ بنُ حَفصون بن عمر بن جعفر بن دميان بن فرغلوش بن أذفونش القس, وينتمي عمر بن حفصون لأسرة من المولَّدين قوطيَّة الأصل, فجَدُّه الأعلى وقت الفتح هو القِسُّ ألفونسو، وأوَّلُ من أسلَمَ مِن أسرته هو جدُّه الرابع جعفر, وابنُ حفصون هو رأس الخوارجِ بجزيرة الأندلس, وأحدُ أشهَرِ معارضي سُلطة الدولة الأمويَّة في الأندلس، وكاد أن يغلِبَ على الأندلس، وأتعبَ السَّلاطينَ، وطال أمرُه، وعظُم البلاءُ به، وكان جَلْدًا شُجاعًا فاتكًا، وكان يتحصَّن بقلعةٍ منيعةٍ في جبل ببشتر، فتح باب الشِّقاقِ والخلاف في الأندلس، نُعِت باللَّعينِ والخبيثِ ورأسِ النفاق، أوَّل ما ثار على الأمير محمد بن عبد الرحمن عام 270 واستفحل أمرُه، ثمَّ أظهر النصرانيَّة سنة 286 فاتَّصلَت عليه المغازي. أظهَرَ الطاعات مراتٍ وقُوبِلَ بالعفوِ، ولكنه لم يلبَثْ أن يتمَرَّدْ مَرَّةً أخرى، وكان عُبيد اللهِ الفاطمي العُبَيدي اعترف به وبزعامته وأمَدَّه بالذخائرِ والأسلحة ودعا له في المساجدِ؛ كلُّ ذلك أملًا منه أن ينضمَّ للفاطميِّينَ، عاصَرَ ابنُ حفصون في ثورته أربعةً مِن الأمراء الأمويين، بدأ في عهدِ الأمير محمد بن عبد الرحمن وحتى عهد عبد الرحمن الناصر لدين الله، وسيطر خلالَها على مناطِقَ كبيرةٍ في جنوبِ الأندلس، ولاقت حركتُه ترحيبًا من أعداد كثيرةٍ مِن سُكَّانِ تلك المناطِقِ من المولَّدين والمُستعربين، وقاومتها سُلُطاتُ الدولة بحزمٍ إلى أن أنهى عبدُ الرحمن الناصِرُ لدين الله حركةَ ابن حفصون وخلفائِه تمامًا عام 316، بعد عشرِ سَنواتٍ على وفاة عُمَرَ بنِ حفصون نفسِه, ولما توفِّيَ خَلَفَه ابنُه سُلَيمانُ.