غزا الناصِرُ أميرُ الأندلس مدينةَ بَطليوس؛ لمحاربة أهلِها وأميرِهم ابن مروان الجليقي؛ فلمَّا أخَذَهم الحِصارُ، وطاوَلَتهم الحربُ، وفَنِيَ رجالُهم، واستُبيحَت نَعَمُهم، وقُطِعَت ثَمراتُهم، ورأوا عزمًا لا فترةَ فيه، وجِدًّا لا بقاءَ لهم عليه- استأمنوا الناصِرَ، وعاذُوا بصَفحِه، فأوسعهم ما أوسَعَ أمثالَهم قبلهم. واستنزل ابنَ مروان الجليقي وأهلَه، وذوي الشوكة مِن صَحْبِه، وأسكَنَهم قرطبة، وألحقهم في الملاحِقِ السَّنِيَّة، وملك المدينة وولَّاها عُمَّاله، وصارت بسيلِ كوره. ثم انتقل الناصِرُ منها قاصدًا إلى مدينة أكشونبة بقرب الساحلِ الغربي من البحرِ المحيط، فاحتل بها يوم الاثنين لسبعٍ بقين من جمادى الآخرة، وكان قد افتتَحَ في طريقه حصنَ الوقاع وتردَّدَت الفتوحاتُ في هذا العامِ بوقائِعَ كانت على أهلِ بطليوس، وافتُتِحَت فيه مدينة شاطبة من بلنسيَّة، ثم افتُتِحَت بطليوس في العامِ التالي.