كاتَبَ موسى بن أبي العافية- صاحبُ المغرب- الأميرَ الناصر، ورَغِبَ في موالاته، والدخولِ في طاعته، وأن يستميلَ له أهواءَ أهل المغرب المجاورينَ له، فتقبله أحسَنَ قَبولٍ، وأمَدَّه بالخِلَعِ والأموال، وقوَّى يده على ما كان يحاوِلُه من حربِ ابنِ أبي العيش وغيره. فظهر أمرُ موسى من ذلك الوقت في المغرب، وتجمَّعَ له كثيرٌ من قبائل البربر، وتغلَّب على مدينة جراوة، وأخرج عنها الحسَنَ بنَ أبي العيش بن إدريس العلوي؛ وجَرَت بينهما حروبٌ عظيمة، وافتتح الناصِرُ مدينة سبتة، فملأها بالرِّجال، وأتقَنَها بالبُنيان. وبنى سورها بالكذان، وألزم فيها من رَضِيَه من قوَّادِه وأجناده، وصارت مِفتاحًا للغَربِ والعدوة من الأندلس، وباب إليها كما هي الجزيرة وطريف مفتاح الأندلس من العدوة، وقامت الخطبةُ في سبتة باسم أميرِ المؤمنين الناصر، فكان هذا سيطرةً على مضيقِ جبل طارق، وشَكَّل بذلك نوعَ تهديدٍ على الدَّولةِ الفاطميَّة.