أوقع ثمل متولي طرسوس بالرُّومِ وَقعةً عظيمةً، قتل منهم خلقًا كثيرًا وأسرَ نحوًا مِن ثلاثةِ آلاف، وغَنِمَ من الذهَبِ والفِضَّة والديباج شيئًا كثيرًا جِدًّا، ثم أوقع بهم مَرَّةً ثانيةً كذلك، وكتب ابنُ الديراني الأرمني إلى الرومِ يحُثُّهم على الدُّخولِ إلى بلادِ الإسلامِ ووعَدَهم النَّصرَ منه والإعانةَ، فدخلوا في جحافِلَ عظيمةٍ كثيرةٍ جِدًّا، وانضاف إليهم الأرمنيُّ فركب إليهم مُفلِحٌ غلامُ يوسُفَ بنِ أبي الساج وهو يومئذٍ نائبُ أذربيجان واتَّبَعه خلقٌ كثيرٌ مِن المتطوِّعة، فقصد أوَّلًا بلادَ ابنِ الديراني، فقتل من الأرمن نحوًا من مائةِ ألفٍ، وأسر خلقًا كثيرًا، وغنِمَ أموالًا جزيلةً، وتحصَّنَ ابنُ الديراني في قلعةٍ له هناك، وكاتَبَ الرومَ، فوصلوا إلى شميشاط، فحاصروها، فبعث أهلُها يستصرِخونَ سعيدَ بنَ حمدان نائبَ المَوصِل، فسار إليهم مُسرِعًا، فوجد الرومَ قد كادوا يفتَحونَها، فلمَّا عَلِموا بقدومه رحلوا عنها واجتازوا بمَلطية فنهبوها، ورجعوا خاسئينَ إلى بلادهم، ومعهم ابنُ نفيس المتنَصِّر، وقد كان من أهل بغداد ثمَّ تنصَّرَ بعد فشَلِ عَزلِ المُقتَدِر، وركب ابنُ حمدان في آثار القومِ، فدخل بلادَهم فقتل خلقًا كثيرًا منهم وأسر وغَنِمَ أشياءَ كثيرة.