بلغ مُعِزَّ الدولةِ أبا الحُسَينِ بن بُوَيه إصعادُ توزون إلى الموصِل، فسار هو إلى واسِط؛ لِميعادٍ مِن البريديين، وكانوا قد وعدوه أن يُمدُّوه بعسكرٍ في الماء، فأخَلفوه، وعاد توزون من الموصِل إلى بغداد، وانحدر منها إلى لقاءِ مُعِزِّ الدولة، والتَقَوا سابع عشر ذي القعدة بقباب حميد، وطالت الحربُ بينهما بضعةَ عشر يومًا، إلَّا أن أصحاب توزون يتأخَّرون، والديلم يتقَدَّمون، إلى أن عبرَ توزون نهرَ ديالي، ووقف عليه، ومنع الديلمَ مِن العبور، وكان مع توزون مقابلةٌ في الماء في دجلة، فكانوا يودُّون أن الديلم يستولونَ على أطرافِهم، فرأى ابنُ بويه أن يصعَدَ على ديالي ليَبعُدَ عن دجلة وقتالِ من بها، ويتمَكَّن من الماء، فعَلِمَ توزون بذلك، فسيَّرَ بعض أصحابه، وعبَرُوا ديالي وكَمَنوا، فلما سار مُعِزُّ الدولة مصعدًا وسار سوادُه في أثَرِه خرج الكمين عليه، فحالوا بينهما، ووقعوا في العسكرِ وهو على غيرِ تَعبِيةٍ، وسمع توزون الصِّياحَ، فتعجَّلَ وعبَرَ أكثَرُ أصحابه سباحةً، فوقعوا في عسكرِ ابنِ بويه يَقتلون ويَأسِرونَ حتى ملُّوا، وانهزم ابنُ بُويه ووزيره الصيمري إلى السوس رابعَ ذي الحِجة، ولحق به من سَلِمَ مِن عسكره، وكان قد أسَرَ منهم أربعةَ عشَرَ قائدًا، منهم ابن الداعي العلوي، واستأمن كثيرٌ من الديلم إلى توزون؛ ثم إنَّ توزون عاوده ما كان يأخُذُه من الصَّرَع، فشُغِلَ بنَفسِه عن معزِّ الدولة وعاد إلى بغداد.