استطاع البويهيُّون أن يتحَكَّموا في الخليفة، ويُسيطِروا على الدولة، ويُديروها بأنفُسِهم، ففي أيام مُعِزِّ الدولة جرَّدوا الخليفةَ مِن اختصاصاته، فلم يبقَ له وزيرٌ، وإن كان له كاتِبٌ يديرُ أملاكَه فحَسبُ، وصارت الوزارةُ لمُعز الدولة يستوزِرُ لنَفسِه من يريد، وكان من أهمِّ أسبابِ ضَعفِ الخلافة وغروب شمسِها أن البويهيين (الديلم) كانوا من المُغالينَ في التشيُّع، وهم يعتَقِدونَ أنَّ العباسيِّينَ قد أخذوا الخلافةَ واغتَصَبوها من مستحِقِّيها؛ لذلك تمَرَّدوا على الخليفةِ والخلافةِ بصفة عامة، ولم يطيعوها ولم يَقدُروها قَدْرَها. وقد بلغ معزُّ الدولة مكانةً عالية، فكان الحاكِمَ الفِعليَّ في بغداد مع إبقائِه على الخليفةِ، غيرَ أنَّه ما لبث أن قَبَضَ عليه، وفقأَ عينَيه.