عظُمَ أمرُ أبي الحسَنِ جوهَرِ الصِقليِّ عند المعِزِّ بإفريقيَّة، وعلا محَلُّه، وصار في رُتبة الوزارة، فسَيَّرَه المعِزُّ في صفر في جيشٍ كثيفٍ، فيهم زيري بن مناد الصنهاجي وغيره، وأمره بالمسير إلى أقاصي المغربِ، فسار إلى تاهرت، ومدينة أفكان، دخَلَها بالسيف، ونهبها، ونهب قصور يعلى، وأخذ ولده، وكان صبيًّا، وأمر بهدم أفكان وإحراقِها بالنار، ثم سار منها إلى فاس، وبها صاحِبُها أحمد بن بكر، فأغلق أبوابَها، فنازلها جوهرٌ وقاتَلَها مُدَّةً، فلم يَقدِرْ عليها، وأتته هدايا الأُمَراء الفاطميِّينَ بأقاصي السوس، وأشار على جوهرٍ وأصحابِه بالرَّحيلِ إلى سجلماسة، وكان صاحِبُها محمَّدُ بن واسول قد تلقَّبَ بالشَّاكر لله، ويُخاطَبُ بأمير المؤمنين، وضَرَب السِّكَّة باسمه، وهو على ذلك سِتَّ عشرة سنة، فلما سَمِعَ بجوهر هرب، ثم أراد الرجوعَ إلى سجلماسة، فلَقِيَه أقوام، فأخذوه أسيرًا، وحَمَلوه إلى جوهر وسلك تلك البلادَ جَميعَها فافتتحها وعاد إلى فاس، فقاتلها مدَّةً طويلة، حتى كان فتحُها في رمضان سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.