قَدِمَ مَلِكُ الروم بجيشٍ كثيفٍ إلى المصيصة فأخذها قسرًا وقتَلَ مِن أهلها خلقًا، واستاق بقِيَّتَهم معه أسارى، وكانوا قريبًا من مائتي ألف، ثم جاء إلى طرسوس فسأل أهلُها منه الأمانَ فأمَّنَهم وأمَرَهم بالجلاءِ عنها والانتقال منها، واتخذَ مَسجِدَها الأعظمَ إسطبلًا لخيولِه وحَرَقَ المنبرَ ونقل قناديلَه إلى كنائِسِ بلَدِه، وتنصَّرَ أهلُها معه، وكان أهلُ طرسوس والمصيصة قد أصابهم قبلَ ذلك بلاءٌ وغلاءٌ عَظيمٌ، ووباءٌ شديد، بحيث كان يموتُ منهم في اليومِ الواحدِ ثمانمائة نفر، ثم دهَمَهم هذا الأمرُ الشديد فانتقلوا من شهادةٍ إلى شهادةٍ أعظمَ منها، وعَزَمَ مَلِكُ الروم على المُقام بطرسوس ليكونَ أقرَبَ إلى بلادِ المُسلمين، ثم عنَّ له فسار إلى القُسطنطينية، وفي خدمته الدُّمُسْتُق مَلِكُ الأرمن- قبَّحَه الله.