سيَّرَ المعِزُّ الفاطميُّ القائِدَ أبا الحسَنِ جوهَرَ الصقليَّ، غلامَ والِدِه المنصور، وهو روميٌّ، في جيشٍ كثيفٍ إلى الديار المصرية، فاستولى عليها، وكان سببُ ذلك أنَّه لَمَّا مات كافور الإخشيدي، صاحِبُ مصر، اختلفت القلوبُ فيها، ووقع بها غلاءٌ شديد، فلما بلغ الخبَرُ بهذه الأحوال إلى المُعِزِّ، وهو بإفريقية، سيَّرَ جوهرًا إليها بجيشٍ عظيمٍ أنفق عليه ما جناه من البربَرِ مِن الضرائبِ، فكانت خمسمائة ألف دينار، ثم عمَدَ المعِزُّ إلى خزائنِ آبائِه فبذل منها خمسمائة حمل من المال، وساروا في أول سنة 358 في أُهبةٍ عظيمة، فلمَّا اتَّصَل خبَرُ مسيره إلى العساكِرِ الإخشيدية بمصرَ، هربوا عنها جميعُهم قبل وصوله، ثمَّ إنَّه قَدِمَها سابِعَ عشر شعبان، وأقيمت الدعوة للمعزِّ بمصرَ في الجامع العتيق في شوال، وفي جُمادى الأولى من سنة تسعٍ وخمسين سار جوهَرُ إلى جامعِ ابن طولون، وأمر المؤذِّنَ فأذَّنَ بحَيَّ على خيرِ العمَلِ، وهو أوَّل ما أُذِّنَ بمِصرَ، ثم أذَّنَ بعده في الجامعِ العتيق، وجهَرَ في الصلاةِ ببِسمِ الله الرحمن الرحيم، ولَمَّا استقَرَّ جوهر بمصرَ، شرع في بناءِ القاهرةِ, وضُرِبَت السِّكَّةُ على الدينار بمصرَ، وهي لا إله إلا الله محمَّدٌ رسول الله، عليٌّ خيرُ الوصِيَّينِ، والوجه الآخرُ اسمُ المعِزِّ والتاريخ.