سار عَضُد الدَّولة إلى بغداد، وأرسل إلى بختيار يدعوه إلى طاعتِه، وأن يسيرَ عن العراقِ إلى أيِّ جهةٍ أراد، وضَمِنَ مساعدتَه بما يحتاجُ إليه من مال وسلاح وغير ذلك، فاختلف أصحابُ بختيار عليه في الإجابةِ إلى ذلك، إلَّا أنَّه أجاب إليه لضَعفِ نَفسِه، وأرسل إليه عضُدُ الدَّولةِ يطلُبُ منه ابنَ بقية، فسَمَلَ عينيه وأنفَذَه إليه، وتجهَّزَ بختيار بما أنفَذَه إليه عضُد الدولة، وخرج عن بغداد عازمًا على قَصدِ الشام، وسار عضُدُ الدولة فدخل بغداد، وخطَبَ له بها، ولم يكن قبل ذلك يُخطَبُ لأحدٍ ببغداد، وأمَرَ بأن يُلقى ابنُ بقية بين قوائمِ الفِيَلة لتقتُلَه، ففُعِلَ به ذلك، فلما صار بختيار بعكبرا حَسَّنَ له حمدانُ قَصْدَ الموصل، وكثرةَ أموالِها، وأطمعه فيها، وقال إنَّها خَيرٌ مِن الشام وأسهَلُ، فسار بختيار نحو الموصِل، وكان عَضُدُ الدولة قد حَلَّفَه أنَّه لا يَقصِدُ ولايةَ أبي تَغلِبَ بنِ حمدانَ لِمَودةٍ ومكاتبةٍ كانت بينهما، فنَكَث وقَصَدَها، فلمَّا صار إلى تكريت أتته رسلُ أبي تغلب تسألُه أن يقبِضَ على أخيه حمدانَ ويُسَلِّمَه إيَّاه، وإذا فعل سار بنَفسِه وعساكره إليه، وقاتلَ معه عضُدَ الدولةِ، وأعاده إلى مُلكِه ببغداد، فقَبَض بختيار على حمدانَ وسَلَّمه إلى نوَّاب أبي تغلب، فحبسه في قلعة له، وسار بختيار إلى الحديثة، واجتمَعَ مع أبي تغلب، وسارا جميعًا نحوَ العراق، وكان مع أبي تغلِبَ نحوٌ من عشرين ألف مقاتل، وبلغ ذلك عَضُدَ الدولة، فسار عن بغداد نحوَهما، فالتقوا بقَصرِ الجص بنواحي تكريت ثامن عشر شوال، فهزمهما، وأُسِرَ بختيار، وأُحضِرَ عند عَضُدِ الدولة، فلم يأذَنْ بإدخاله إليه، وأمَرَ بقَتلِه فقُتِلَ، وذلك بمشورةِ أبي الوفاء طاهر بن إبراهيم، وقُتِلَ مِن أصحابه خلقٌ كثير، واستقَرَّ مُلكُ عَضُدِ الدولة بعد ذلك، وكان عُمرُ بختيار ستًّا وثلاثين سنة، ومَلَك إحدى عشرة سنة وشهورًا.