سار قائدٌ كبيرٌ من الدَّيلمِ، يُسمَّى فولاذ، وهو صاحبُ قَلعةِ إصطخر، إلى شيراز، فدَخلَها وأَخرجَ عنها الأَميرَ أبا منصور فولاستون، ابنَ المَلِكِ أبي كاليجار، فقَصدَ فيروزآباذ وأَقامَ بها، وقَطعَ فولاذ خُطبةَ السُّلطانِ طُغرلبك في شيراز، وخَطبَ للمَلِكِ الرَّحيمِ، ولأَخيهِ أبي سعدٍ، وكاتَبَهُما يُظهِر لهُما الطَّاعةَ، فعَلِمَا أنَّه يَخدَعهُما بذلك، فسار إليه أبو سعدٍ، وكان بأرجان، ومعه عَساكرُ كثيرةٌ، واجتمع هو وأَخوهُ الأَميرُ أبو منصور على قَصْدِ شيراز ومُحاصرتِها بَعدَ أن اتَّفَقَا على طَاعةِ أَخيهِما المَلِكِ الرَّحيم، فتَوَجَّهَا نَحوَها فيمَن معهما مِن العَساكِر، وحَصَرَا فولاذ فيها، وطال الحِصارُ إلى أن عُدِمَ القُوتُ فيها، وبَلَغَ سِعرُ سَبعةِ أَرطالٍ حِنطَة بدِينار ومات أَهلُها جُوعًا، وكان مَن بَقِيَ فيها نحوَ أَلفِ إنسانٍ، وتَعَذَّرَ المُقامُ في البَلدِ على فولاذ، فخَرَجَ هاربًا مع مَن في صُحبَتِه من الديلم إلى نَواحي البَيضاءِ وقَلعةِ إصطخر، ودَخَل الأَميرُ أبو سعدٍ، والأميرُ أبو منصور شيراز، وعَساكِرُهما، ومَلَكوها، وأَقاموا بها.