جاء البساسيري إلى المَوصِل ومعه نورُ الدَّولةِ دُبيس في جَيشٍ كَثيفٍ، فاقتَتَل مع صاحبِها قُريشِ بن بَدران ونَصرَهُ قُتلمشُ ابنُ عَمِّ طُغرلبك، وهو جَدُّ مُلوكِ الرُّومِ، فهَزمَهما البساسيري، وأَخذَ البَلدَ قَهْرًا، فخُطِبَ بها للعُبيديين بمصر، وكذلك خُطِبَ للمِصريِّين فيها بالكوفَةِ وواسِط وغَيرِها من البِلادِ، وعَزَمَ طُغرلبك على المَسيرِ إلى المَوصِل لِمُناجَزَةِ البساسيري فنَهاهُ الخَليفةُ عن ذلك لِضِيقِ الحالِ وغَلاءِ الأَسعارِ، فلم يَقبَل فخَرجَ بِجَيشهِ قاصِدًا المَوصِل بجَحافِلَ عَظيمةٍ، ومعهُ الفِيَلَةُ والمَنْجَنِيقَاتُ، وكان جَيشُه لِكَثرتِهم يَنهَبون القُرى، وربَّما سَطَوْا على بَعضِ الحَريمِ، فكتَبَ الخَليفةُ إلى السُّلطانِ يَنهاهُ عن ذلك، فبَعثَ إليه يَعتَذِر لِكَثرةِ مَن معهُ. ولمَّا اقتَربَ طُغرلبك مِن المَوصِل فتَحَ دُونَها بِلادًا، ثم فَتحَها وسَلَّمَها إلى أَخيهِ داودَ، ثم سار منها إلى بِلادِ بَكْرٍ ففَتحَ أَماكنَ كَثيرةً هناك.