احتَرقَت بغداد، الكَرخُ وغَيرهُ، وبين السُّورَينِ، واحتَرقَت فيه خَزانَةُ الكُتُبِ التي وَقَفَها أردشيرُ الوزيرُ، ونُهِبَت بَعضُ كُتُبِها، وجاء عَميدُ المُلْكِ الكندريُّ، فاختارَ من الكُتُبِ خَيرَها، وكان بها عَشرةُ آلاف وأربعمائة مُجلَّد من أَصنافِ العُلومِ، منها مائةُ مُصحَفٍ بخُطوطِ ابنِ مُقْلَة، وكان العامَّةُ قد نَهَبوا بَعضَها لمَّا وَقعَ الحَريقُ، فأَزالَهم عَميدُ المُلْكِ، وقَعدَ يَختارُها، فنُسِبَ ذلك إلى سُوءِ سِيرَتِه، وفَسادِ اختِيارِه، وشَتَّانَ بين فِعلِه وفِعلِ نِظامِ المُلْكِ الذي عَمَّرَ المَدارِسَ، ودَوَّنَ العِلمَ في بِلادِ الإسلامِ جَميعِها، ووَقَفَ الكُتُبَ وغَيرَها.