هو أَميرُ المؤمنين المُقتَدِي بالله أبو القاسمِ عبدُ الله بنُ الأَميرِ ذَخيرةِ الدِّين أبي العبَّاس محمدِ بن القائمِ بأمرِ الله عبدِ الله بنِ القادرِ بالله أحمدَ بن إسحاقَ بن جَعفرٍ المُقتَدِر بن المُعتَضِد الهاشميُّ العبَّاسيُّ، تُوفِّي أَبوهُ الذَّخيرَةُ والمُقتدِي حَمْلٌ وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ اسمُها: أرجوان، أرمنية عاشَت إلى خِلافَةِ ابنِ ابنِها المُستَرشِد بالله. بُويِعَ المُقتدِي بالخِلافة في ثالث عشر شعبان سَنةَ 467هـ، وهو ابنُ تسع عشرة سَنةً وثلاثة أَشهُر. كان المُقتدِي أَبيضَ حُلْوَ الشَّمائلِ، عُمِّرَت في أَيامِه مَحالٌّ كَثيرةٌ من بغداد، ظَهرَت في أَيامِه خَيراتٌ كَثيرةٌ، وآثارٌ حَسَنةٌ في البُلدان. قال عنه الذهبيُّ: "كانت قَواعِدُ الخِلافَةِ في أَيامِه باهِرَةً، وافِرَةَ الحُرمَةِ. بخِلافِ مَن تَقدَّمَه, ومِن مَحاسِنِه أنه أَمَرَ بنَفيِ المُغَنِّيات والخواطي من بغداد، وأن لا يَدخُل أَحدٌ الحَمَّامَ إلا بمِئزَرٍ. وضرب أَبراجَ الحَمامِ صِيانَةً لِحُرُمِ الناسِ. وكان دَيِّنًا خَيِّرًا، قَوِيَّ النَّفسِ، عاليَ الهِمَّةِ، مِن نُجَباءَ بَنِي العبَّاسِ". وفي يوم الجُمعةِ الرابع عشر المُحرَّم تُوفِّي الخَليفةُ المُقتدِي بأَمرِ الله فَجأَةً، فلمَّا عَلِمَ الوُزراءُ بذلك شَرَعوا في البَيْعَةِ لِوَلِيِّ العَهدِ ووَلَدِه أبي العبَّاسِ أَحمدَ المُستَظهِر بالله، وأُحضِرَ المُستَظهِر بالله لبغداد، وأُعلِمَ بمَوتِ أَبيهِ، وحَضَرَ الوَزيرُ فبايَعَهُ، ورَكِبَ إلى السُّلطانِ بركيارق، فأَعلَمَهُ الحالَ، وأَخَذَ بَيْعَتَه للمُستَظهِر بالله، فلمَّا كان اليومُ الثالث مِن مَوتِ المُقتدِي أُظهِرَ خَبرُ وَفاةِ الخَليفةِ وجُهِّزَ، ثم صَلَّى عليه ابنُه المُستَظهِر، ودُفِنَ، وكانت خِلافَةُ المُقتدِي تِسعَ عشرة سَنةً وثمانية أَشهُر غير يومين.