اجتمَع المسلمون في القادِسيَّة ثلاثون ألفًا بقِيادةِ سعدِ بن أبي وقَّاص بعدَ أن أَمَّرَهُ عُمَر بن الخطَّاب بَدَلَ خالدِ بن الوَليد، مكَث سعدٌ في القادِسيَّة شهرًا يَبُثُّ السَّرايا في كلِّ الجِهاتِ، ويأتي بالغَنائِم، فأَمَّر يزدجردُ رُسْتُمَ على جيشٍ كثيفٍ مِن مائةٍ وعشرين ألفًا، ومِثلِها مِن المَدَدَ، فبعَث سعدٌ إليه مَن يَدعوه للإسلامِ وحاوَل الفُرْسُ أن يغروا المسلمين، فطلبوا إرسالَ أكثرِ مِن رجلٍ فأتاهُم رِبْعِيٌّ، ثمَّ حُذيفةُ بن مِحْصَنٍ، وأخيرًا أتاهُم المُغِيرةُ ولم تنفع في شيءٍ، فبدأ القِتالُ بعدَ الظَّهيرةِ وبَقِيَت المعركةُ ثلاثةَ أيَّام، وفي اليومِ الرَّابع اشْتدَّ أَثَرُ الفِيَلَةِ على المسلمين، ثمَّ في هذا اليومِ هَبَّتْ رِيحٌ شديدةٌ على الفُرْسِ أزالت خِيامَهم فهربوا وقُتِلَ رُستمُ قائدُهم، وتَمَّتْ الهزيمةُ على الفُرْسِ، وقُتِلَ منهم ما لا يُحْصى، ثمَّ ارتحلَ سعدٌ ونزَل غَربيَّ دِجْلة، على نهرِ شير، قُبالةَ مَدائنِ كِسرى، ودِيوانِه المشهورِ، ولمَّا شاهَد المسلمون إيوانَ كِسرى كَبَّروا وقالوا: هذا أبيضُ كِسرى، هذا ما وَعَدَ الله ورسولُه. واسْتُشْهِدَ مِن المسلمين ألفٌ وخمسمائةٍ، وقُتِلَ مِن الفُرْسِ عشرون ألفًا، وغَنِمَ المسلمون الكثيرَ، وقِيلَ: إنَّها كانت في سَنَةِ خمسةَ عشرَ.