جَمَعَ أَميرٌ كَبيرٌ مِن أُمراءِ خراسان جَمْعًا كَثيرًا، وسار بهم إلى نيسابور، فحَصَرَها، فاجتَمَع أَهلُها وقاتَلوهُ أَشَدَّ قِتالٍ، ولازَمَ حِصارَهم نحوَ أربعين يومًا، فلمَّا لم يَجِد له مَطْمَعًا فيها سار عنها في المُحرَّمِ سَنةَ 489هـ، فلمَّا فارَقَها وَقَعَت الفِتنَةُ بها بين الكَرامِيَّة وسائرِ الطَّوائفِ من أَهلِها، فقُتِلَ بينهم قَتلَى كَثيرةٌ، وكان مُقَدَّمُ الشافعيَّةِ أبا القاسمِ بن إمامِ الحَرمَينِ أبي المعالي الجُويني، ومُقَدَّمُ الحَنفيَّةِ القاضي محمدَ بنَ أَحمدَ بنِ صاعِد، وهُما مُتَّفِقان على الكَرامِيَّةِ، ومُقَدَّمُ الكَرامِيَّةِ محمشاد، فكان الظَّفَرُ للشافعيَّةِ والحَنفيَّةِ على الكَراميَّةِ، فخَرِبَت مَدارِسُهم، وقُتِلَ كَثيرٌ منهم ومن غَيرِهم، وكانت فِتنَةٌ عَظيمةٌ.