كان الخليفة العباسي قد ولَّى السلطان محمدًا المُلكَ، واستنابه في جميع ما يتعلَّقُ بأمر الخلافة دون ما أغلق عليه الخليفةُ بابَه، ثم خرج السلطانُ محمد ومعه أخوه سنجر قاصدًا قتال أخيه بركيارق، وفي هذه السنة ثامن جمادى الآخرة كان المصاف الخامس بين السلطان بركيارق والسلطان محمد, فأقبل بركيارق في خمسة عشر ألفًا فحاصره في أصبهان وعددُ أصحاب محمد قليل، فضاقت الميرةُ على محمد، فقسط على أهل البلد على وجه القرض فأخذ مالًا عظيمًا، ثم عاود عسكره الشغب، فأعاد التقسيطَ بالظلم والعذاب، وبلغ الخبز عشرةَ أَمْناء بدينار، ورطل لحم بربع دينار، ومائة منًا تبنًا بأربعة دنانير، وقُلِعت أخشاب المساجد وأبواب الدكاكين، هذا والقتالُ على أبواب البلد، وينال صاحِبُ محمد يحرق الناسَ بالمصادرة، وعسكر بركيارق في رُخصٍ كثير، فاجتمع على أهل أصبهان الخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، ثم خرج السلطان محمد من أصبهان هاربًا فأرسل أخوه في أثره مملوكَه إياز، فلم يتمكَّن من القبض عليه، ونجا بنفسه سالمًا، وعاد إياز فأخبر بركيارق فلم يَسُرَّه سلامة أخيه, وفي يوم الاثنين ثالث عشرين ربيع الأول أعيدت الخطبة لبركيارق فخطب في الديوان، ثم تقدم إلى الخطباء في السابع والعشرين من هذا الشهر بأن يقتصروا على ذِكرِ الخليفة، ولا يذكروا أحدًا من السلاطين المختلفين, ثم التقى السلطان محمد وبركيارق في يوم الأربعاء في جمادي الآخرة، فوقعت الحربُ بينهما فانهزم محمد إلى بعض بلاد أرمينية على أربعين فرسخًا من الوقعة، ثم سار منها إلى خلاط ثم عاد إلى تبريز، ومضى بركيارق إلى زنجان، ثم في العام التالي صار الصلحُ بينهما بعدما تحوَّل الأمن إلى خوفٍ، وبدا السلبُ والنهب والقتلُ والضعفُ.