قام السلطان محمد بن ملكشاه بمحاصرة قلاع كثيرة من حصون الباطنية، فافتتح منها أماكن كثيرة، وقتل خلقًا منهم، منها قلعة شاه دز بأصبهان حصينة كان أبوه السلطان جلال الدولة ملكشاه قد بناها بالقرب من أصبهان في رأس جبل منيع هناك، وكان سبب بنائه لها أنه كان مرة في بعض صيوده فهرب منه كلب فاتَّبعه إلى رأس الجبل فوجده، وكان معه رجل نصراني من رسل الروم، فقال الرومي: لو كان هذا الجبل ببلادنا لاتخذنا عليه قلعة، فحدا هذا الكلام السلطان إلى أن ابتنى في رأسه قلعةً أنفق عليها ألف ألف دينار، ومائتي ألف دينار، ثم استحوذ عليها بعد ذلك رأس الباطنية ابن عطاش، فتعب المسلمون بسببها، فحاصرها السلطان محمد بن ملكشاه سنةً حتى افتتحها وقَتَل ابن عطاش, ثم نقض السلطان محمد هذه القلعة حجرًا حجرًا، وألقت امرأة ابن عطاش نفسها من أعلى القلعة فتلفت، وهلك ما كان معها من الجواهر النفيسة، وكان الناس يتشاءمون بهذه القلعة، يقولون: كان دليلها كلبًا، والمشيرُ بها كافرًا، والمتحصِّنُ بها زنديقًا.