هو أحد الفقهاء الكبار، من رؤس الشافعية: علي بن محمد بن علي الفقيه الشافعي المشهور بالكيا الهراسي، لقبه عماد الدين، كان من أهل طبرستان, ولد سنة 450. كان مليح الوجه، جَهْوريَّ الصوت، فصيحًا زكي الأخلاق, وحَظِيَ بالحشمة والجاه والتجمُّل. روى شيئًا يسيرًا عن أبي المعالي وغيره. خرج إلى نيسابور، وتفقَّه على أبي المعالي الجويني، وكان من رؤوس معيديه، وقدم بغداد ودرس بالنظامية ووعظ وذكر مذهب الأشعري، واتُّهِم بمذهب الباطنية، فنُزع منه التدريس في النظامية، فأراد السلطانُ قتله، فمنعه الخليفةُ المستظهر بالله لما شُهِدَ له بالبراءة "شهد له بالبراءة جماعة من العلماء، منهم أبو الوفاء ابن عقيل، وجاءت الرسالة من دار الخلافة بخَلاصِه" قال الذهبي: "وقد رُمِيَ الكيا -رحمه الله- بأنَّه يرى في المناظرة رأيَ الإسماعيلية، وليس كذلك، بل وقع الاشتباهُ على القائل بأن صاحب قلعة ألموت الحسن بن الصباح يلقب بالكيا أيضًا. فافهم ذلك، وأما الهراسي فبريءٌ من ذلك" فرُدَّ للتدريس في النظامية. له مصنفات منها كتاب يرد فيه على ما انفرد به الإمام أحمد بن حنبل في مجلد، وقد تتلمذ على يده جمع من العلماء، منهم: الحافظ أبو طاهر السِّلَفي, وشيخ الشافعية ابن الرزاز, وخطيب الموصل، أبو الفضل الطوسي، وغيرهم كثير, وكانت وفاته يوم الخميس غرة المحرم عن عمر 54، ودُفِن عند الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وحضر لدفنه الشيخ أبو طالب الزينبي، وقاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني، وكانا مقدَّمَي طائفة الساعة الحنفية، ورثاه أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان الغزي الشاعر. والكِيَا: بكسر الكاف وفتح الياء المثناة من تحتها وبعدها ألف. والكيا بلغة الأعاجم: الكبير القدر المقدَّم.