اشتدَّت نكاية الكرج (وهم الجورجيون، سكان جورجيا) في بلد الإسلام، وعظم الأمر على الناس، لا سيما أهل دربند شروان، فسار منهم جماعة كثيرة من أعيانهم إلى السلطان محمود بن محمد السلجوقي، وشكَوا إليه ما يَلقَون منهم، وأعلَموه بما هم عليه من الضعف والعجز عن حفظ بلادهم، فسار إليهم والكرج قد وصلوا إلى شماخي، فنزل السلطان في بستان هناك، وتقدَّم الكرج إليه، فخافهم العسكر خوفًا شديدًا، وأشار الوزير شمس الملك عثمان بن نظام الملك على السلطان بالعود من هناك، فلما سمع أهل شروان بذلك قصدوا السلطان وقالوا له: نحن نقاتِلُ ما دمتَ عندنا، وإن تأخَّرتَ عنا ضَعُفت نفوس المسلمين وهلكوا، فقَبِل قولهم، وأقام بمكانِه، وبات العسكر على وجَلٍ عظيم، وهم بنيَّة المصاف، فأتاهم الله بفرج من عنده؛ حيث وقع بين الكرج وقفجاق اختلاف وعداوة، فاقتتلوا تلك الليلة ورحلوا شبهَ المنهزمين، وكفى الله المؤمنين القتال، وأقام السلطان بشروان مدة، ثم عاد إلى همذان فوصلها في جمادى الآخرة.