وزَرَ رضوانُ بنُ ولخشي مكانَ بهرام النصراني، وتلقَّبَ بالأفضلِ، ولكِنَّه أساء السيرةَ، وصار بينه وبين الحافِظِ حاكِمِ مِصرَ العُبَيديِّ مُشاحناتٌ حتى حاول الوزيرُ خَلْعَه، فقام الحافِظُ بتدبير الأمرِ والعَمَلِ على إخراجِ الوزيرِ مِن مِصرَ بإثارةِ النَّاسِ عليه، فطلب رضوانُ الشَّامَ، فدخل عسقلانَ ومَلَكَها وجعلَها مَعقِلَه، ثم خرج رضوانُ مِن عسقلان ولحِقَ بصلخد، فنزل على أمينِ الدولة كمشتكين صاحِبِها فأكرَمَه وأبَرَّه، وأقام عنده ثلاثة أشهر. ثم أنفَذَ إلى دمشق، واستفسَدَ مِن الأتراك بها مَن قَدَرَ عليه, ثمَّ عاد الأفضَلُ رضوان مِن صلخد في جمعٍ فيه نحوُ الألف فارس، وكان النَّاسُ في مدة غيبته يَهتُفونَ بعَودِه، فبَرَزَت له العساكِرُ ودافعوه عند بابِ الفتوح، فلم يُطِقْ مُقابلَتَهم؛ فمضى إلى مصرَ، ونزل على سَطحِ الجُرف المعروف بالرصد، وذلك يومَ الثلاثاء مُستهَلَّ صَفَر. فاهتَمَّ الحافِظُ بأمرِه، وبعث إليه بعسكَرٍ مِن الحافظيَّة والآمريَّة وصبيان الخاص، عِدَّتُهم خَمسةَ عَشَرَ ألف فارس، مُقَدَّمُ القَلبِ تاجُ الملوك قايماز، ومُقَدَّمُ الآمرية فرَجٌ غلامُ الحافِظِ، فلَقِيَهم رضوان في قريبٍ من ثلثمئة فارس، فانكسروا، وقُتِلَ كثيرٌ منهم، وغُنِمَ مُعظَمُهم؛ ورَكِبَ أقفِيَتهم إلى قريبِ القاهرة. وعاد شاور إلى موضِعِه فلم يثبت، وأراد العودَ إلى صلخد فلم يَقدِرْ؛ لقلَّةِ الزاد وتَعَذُّرِ الطريق، فتوَجَّهَ بمَن معه من العُربانِ إلى الصعيد. فأنفذ إليه الحافِظُ الأميرَ المفَضَّل أبا الفَتحِ نَجمَ الدين سليم بن مصال في عسكرٍ ومعه أمانٌ، فسار خَلْفَه، وما زال به حتى أخَذَه وأحضَرَه إلى القَصرِ آخِرَ نهار الاثنين رابع ربيع الآخر، فعفا عنه الحافِظُ، ولم يؤاخِذْ أحدًا من الأتراكِ الذين حضَروا معه من الشام. واعتَقَلَه عنده بالقَصرِ قريبًا من الدار التي فيها بهرام.