زاد أمرُ العيَّارينَ (وهم طائفة من أهل الدعارة والنهب واللصوصية) وكَثُروا لأمْنِهم مِنَ الطَّلَبِ بسَبَبِ ابنِ الوزيرِ وابنِ قاروت أخي زوجةِ السُّلطان؛ لأنَّهما كان لهما نَصيبٌ في الذي يأخذُه العيَّارون، وكان النَّائِبُ في شحنكية بغدادَ يومَئذٍ مَملوكًا اسمُه إيلدكز، وكان صارِمًا مِقدامًا، ظالِمًا، فحَمَلَه الإقدامُ إلى أن حضَرَ عند السُّلطانِ، فقال له السُّلطانُ: إنَّ السِّياسةَ قاصِرةٌ، والنَّاسَ قد هَلَكوا، فقال: يا سُلطانَ العالَمِ، إذا كان عقيدُ العيَّارينَ وَلَدَ وَزيرِك وأخا امرأتِك، فأيُّ قُدرةٍ لي على المُفسِدينَ؟! وشَرَح له الحالَ، فقال له: الساعةَ تخرُجُ وتكبِسُ عليهما أين كانا، وتصلُبُهما، فإنْ فعَلْتَ وإلَّا صَلَبْتُك، فأخَذَ خاتَمَه وخرج فكَبَس على ابنِ الوزيرِ فلم يَجِدْه، فأخَذَ مَن كان عنده، وكبَسَ على ابنِ قاروت فأخَذَه وصَلَبَه، فأصبَحَ النَّاسُ وهرَبَ ابنُ الوزيرِ وشاع في النَّاسِ الأمرُ ورُئِيَ ابنُ قاروت مصلوبًا، فهَرَبَ أكثَرُ العيَّارينَ، وقَبَضَ على من أقام وكفى النَّاسَ شَرَّهم.