سَيَّرَ عبدُ المؤمن جيشًا إلى جزيرة الأندلس، فمَلَكوا ما فيها مِن بلاد الإسلامِ. وسَبَبُ ذلك أنَّ عبدَ المؤمِنِ لَمَّا كان يحاصِرُ مراكش جاء إليه جماعة من أعيان الأندلُسِ، منهم أبو جعفر أحمد بن محمد بن حمدين، ومعهم مكتوبٌ يتضَمَّنُ بيعة أهلِ البلاد التي هم فيها لعبدِ المؤمِنِ ودُخولهم في زُمرةِ أصحابِه المُوحِّدينَ، وإقامتهم لأمره، فقَبِلَ عبدُ المؤمِنِ ذلك منهم، وشَكَرَهم عليه، وطَيَّبَ قُلوبَهم، وطَلَبوا منه النُّصرةَ على الفِرنجِ، فجَهَّزَ جَيشًا كثيفًا وسَيَّرَه معهم، وعَمَر أسطولًا وسَيَّرَه في البحر، فسار الأسطولُ إلى الأندلس، وقَصَدوا مدينةَ إشبيليَّةَ، وصَعِدوا في نَهرِها، وبها جيشٌ مِن الملثَّمينَ، فحَصَروها برًّا وبحرًا ومَلَكوها عَنوةً، وقُتِلَ فيها جماعةٌ، وأَمِنَ النَّاسُ فسَكَنوا واستولت العساكِرُ على البلاد، وكان لعبدِ المؤمِنِ مَن بها.