لَمَّا مَلَكَ عَبدُ المؤمِنِ بجايةَ تَجَمَّعَت صنهاجةُ في أُمَمٍ لا يُحصِيها إلَّا الله تعالى، وتقَدَّمَ عليهم رجلٌ اسمُه أبو قصبة، واجتمع معهم مِن كتامة ولواتة وغيرِهما خلقٌ كَثيرٌ، وقَصَدوا حَرْبَ عبد المؤمن، فأرسل إليهم جيشًا كبيرًا، ومُقَدَّمُهم أبو سعيد يخلف، فالتَقَوا في عرض الجَبَلِ شرقي بجاية، فانهزم أبو قصبة وقُتِلَ أكثَرُ مَن معه، ونُهِبَت أموالُهم، وسُبِيَت نساؤهم وذراريُّهم، ولَمَّا فَرَغوا من صنهاجة ساروا إلى قلعةِ بني حَمَّاد، وهي من أحصَنِ القلاعِ وأعلاها، لا تُرامُ، على رأسِ جَبَلٍ شاهِقٍ يكاد الطَّرْفُ لا يُحَقِّقُها لعُلُوِّها، ولكِنَّ القَدَرَ إذا جاء لا يَمنَعُ منه مَعقِلٌ ولا جيوشٌ، فلَمَّا رأى أهلُها عساكِرَ المُوحِّدينَ، هربوا منها في رؤوسِ الجبال، ومُلِكَت القَلعةُ، وأُخِذَ جَميعُ ما فيها من مالٍ وغَيرِه، وحُمِلَ إلى عبدِ المُؤمِنِ فقَسمَه.