الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 567 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1171
تفاصيل الحدث:

هو صاحِبُ مصرَ العاضد لدين الله خاتم الدولة العُبيدية: أبو محمد عبد الله بن الأمير يوسف بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر، العبيدي الحاكمي المصري الإسماعيلي المُدَّعي هو وأجدادُه أنهم فاطميون. ولد سنة 546. وليَ الحُكمَ بعد وفاة ابن عمه الفائز، وكان أبوه يوسف أحد الأخوين اللذين قتلهما عباس بعد الظافر، واستقر الأمر للعاضد اسمًا، والصالحُ بن رزيك الرافضي كان المتحكِّمَ في الحكم. كان العاضِدُ مليح النظم، قويَّ الرفض، يناظر على الإمامة والقَدَر, وكان سبَّابًا خبيثًا متخلِّفًا شديدَ التشيُّع، متغاليًا في سبِّ الصحابة- رضوانُ الله عليهم أجمعين- وإذا رأى سنيًّا استحل دمه، وسار وزيره الصالح بن رزيك في أيامه سيرةً مذمومة؛ فإنه احتكر الغَلَّات، فارتفع سعرها، وقتل أمراء الدولة خَشيةً منهم، وأضعف أحوالَ الدولة المصرية، فقتَلَ مُقاتِلَتَها، وأفنى ذوي الآراء والحزم منها، وكان كثيرَ التطلع إلى ما في أيدي الناس من الأموال، وصادرَ أقوامًا ليس بينه وبينهم تعلُّق، وفي أيام العاضد ورد أبو عبد الله الحسين بن نزار بن المستنصر من المغرب ومعه عساكر وحشود، فلما قارب بلاد مصر غدرَ به أصحابه وقبضوه وحملوه إلى العاضِدِ، فقتله صبرًا، ووزَرَ للعاضد بعد رزيك بن الصالح, الملك أبو شجاع شاوِر السعدي وهو سُنِّي، ثم استوزر له أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين الأيوبي، فلم تطُل أيامه، ومات بالخانوق بعد شهرين وأيام, وقام بعده صلاح الدين الأيوبي الذي شرعَ يَطلُبُ مِن العاضد أشياءَ مِن الخيل والرَّقيقِ والمال ليزيد بذلك مِن ضَعفِه, ثم قبض عليه صلاحُ الدين فحبَسَه في قصره مُضَيِّقًا عليه، لا يعلم كثيرًا مما يجري في دولته، وكان صلاح الدين قد استفتى الفقهاء في قَتلِ العاضد، فأفتوه بجواز ذلك؛ لِما كان عليه العاضِدُ وأشياعه من انحلال العقيدة وفساد الاعتقاد، وكثرة الوقوع في الصحابة والاستهتار بذلك. فقطعَ الخطبة للعاضد، وخطب للخليفة العباسي المستضيء بالله في أول جمعة من المحرم، وتسلَّمَ صلاح الدين القصرَ بما حوى من النفائس والأموال، وقبض أيضًا على أولاد العاضد وآله، فسجنَهم في بيت من القصر، وقمع غلمانهم وأنصارهم، وعفى آثارَهم. هلك العاضد يوم عاشوراء غَمًّا لَمَّا سمع بقطع خطبته وإقامة الدعوة للمستضيء. وقيل: سُقِيَ سمًّا. قال ابن خلكان: "من عجيب الاتفاق أنَّ العاضد في اللغة القاطِع، يقال: عضدتُ الشيءَ فأنا عاضدٌ له، إذا قطعته، فكأنه عاضدٌ لدولتِهم، وكذا كان؛ لأنَّه قطَعَها". قال الذهبي: "تلاشى أمرُ العاضد مع صلاح الدين إلى أن خلعه، وخطبَ لبني العباس، واستأصل شأفةَ بني عُبَيد، ومحقَ دولةَ الرفض, وكانوا أربعة عشر متخَلِّفًا لا خليفة، والعاضِدُ في اللغة أيضًا القاطع، فكان هذا عاضدًا لدولة أهلِ بيته". وبهلاك العاضد انتهت دولة الفاطميين، وكانت جميع مدة ملكهم من حين ظهر المهدي بسجلماسة في ذي الحجة من سنة 299 إلى أن هلك العاضد 272 سنة وشهر تقريبًا.