سار صلاحُ الدين إلى مدينةِ حماة، وهو في جميعِ أحوالِه لا يُظهِرُ إلَّا طاعةَ الملكِ الصالحِ بنِ نور الدين محمود، فلما وصَلَ إلى حماة، مَلَك المدينةَ مُستهَلَّ جمادى الآخرة، وكان بقلعتِها الأميرُ عزُّ الدين جورديك، وهو من المماليك النوريَّة، فامتنع من التسليمِ إلى صلاحِ الدين، فأرسل إليه صلاحُ الدينِ ما يُعَرِّفه ما هو عليه من طاعةِ المَلِك الصالح، وإنما يريدُ حِفظَ بلادِه عليه، فاستحلَفَه جورديك على ذلك فحَلَفَ له وسَيَّرَه إلى حلب في اجتماعِ الكلمة على طاعةِ الملك الصالح، وفي إطلاقِ شمسِ الدين علي وحسن وعثمان أولاد الداية من السجن، فسار جورديك إلى حلب، واستخلف بقلعةِ حماة أخاه ليحفَظَها، فلما وصل جورديك إلى حَلَبَ قبض عليه كمشتكين وسجَنَه، فلما عَلِمَ أخوه بذلك سَلَّمَ القلعةَ إلى صلاح الدين فمَلَكَها.