لَمَّا مَلَك صلاحُ الدين حماة سارَ إلى حَلَب فحَصَرها ثالثَ جُمادى الآخرة، فقاتَلَه أهلُها، ورَكِبَ الملك الصالحُ، وهو صبيٌّ عُمُرُه اثنتا عشرة سنة، وجمع أهلَ حَلَب واتفقوا على القتالِ دُونَه، والمنع عن بلده، وجَدُّوا في القتال، وأرسل سعدُ الدين كمشتكين إلى سنان مقدَّم الإسماعيليَّة، وبذَلَ له أموالًا كثيرةً؛ ليقتلوا صلاح الدين، فأرسلوا جماعةً منهم إلى عسكَرِه، فحمل أحدُهم على صلاح الدين ليقتُلَه، فقُتِلَ دونه، وقاتل الباقونَ مِن الإسماعيليَّة، فقَتلوا جماعةً مِن أصحاب صلاح الدين, ثم قُتلوا جميعًا، وبقي صلاحُ الدين مُحاصِرًا لحلب إلى آخر جمادى الآخرة، ورحل عنها مستهَلَّ رَجَب وسببُ ذلك هو مسيرُ الفرنج إلى حمص وتجهُّزهم لِقَصدِها، فسمع صلاح الدين الخبَرَ فرحل عن حلب.