سار صلاحُ الدين إلى بزاعة فحصرها، وقاتَلَه مَن بالقلعة، ثم تسلَّمَها وجعل بها من يحفَظُها، وسار إلى مدينة منبج فحصَرها آخِرَ شوال، وبها صاحِبُ قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، وكان شديدَ العداوة لصلاح الدين والتَّحريضِ عليه، والإطماع فيه، والطَّعن فيه، فحَنِقَ عليه صلاح الدين وهَدَّده، ثم مَلَك منبج، ولم تمتنِعْ عليه إلا قلعَتُها وبها صاحِبُها اسمه ينال، قد جمع إليها الرجال والذخائر والسلاح، فحصره صلاحُ الدين وضَيَّق عليه وزَحَف إلى القلعة، فوصل النقَّابون إلى السور فنَقَبوها ومَلَكوها عَنوةً، وغَنِمَ العسكر الصلاحي كلَّ ما بها، وأخذ صاحِبَها ينال أسيرًا، فأخذ صلاحُ الدين كُلَّ ماله، ثم أطلقه صلاح الدين فسار إلى الموصل، فأقطعه سيفُ الدين غازي مدينةَ الرقَّةِ.