كان بمكَّةَ حَربٌ شديدةٌ بين أمير الحاجِّ طاشتكين وبين الأمير مُكثِر أمير مكة، وكان الخليفةُ قد أمر أميرَ الحاج بعَزلِ مُكثر وإقامة أخيه داود مقامَه، وسبَبُ ذلك أنه كان قد بنى قلعةً على جبل أبي قُبَيس، فلما سار الحاجُّ من عرفة لم يبيِّتوا بالمُزدَلفة، وإنما اجتازوا بها، فلم يَرمُوا الجمار، إنَّما بَعضُهم رمى بعضَها وهو سائِرٌ، ونزلوا الأبطُحَ فخرج إليهم ناسٌ مِن أهل مكة فحاربوهم، وقُتِلَ من الفريقين جماعة، وصاح الناسُ: الغزاةُ إلى مكَّة، فهجموا عليها، فهرب أميرُ مكة مكثر، فصَعِدَ القلعة التي بناها على جبلِ أبي قبيس فحَصَروه بها، ففارقها وسار عن مكَّة، وولي أخوه داود الإمارةَ، ونَهَب كثيرٌ من الحاجِّ مَكَّةَ وأخذوا من أموالِ التجَّارِ المقيمين بها الشَّيءَ الكثير، وأحرقوا دورًا كثيرةً.