لما رأى الفرنج الخلافَ الذي في قلعةِ حارم وقَتْل الملك الصالحِ صاحِبَها سعد الدين كمشتكين، ساروا إلى حارم من حماة في جمادى الأولى، ظنًّا منهم أنَّهم لا ناصِرَ لهم، وأنَّ الملك الصالح صبيٌّ قليل العسكر، وصلاحُ الدين بمصر، فاغتنموا هذه الفرصةَ ونازلوها وأطالوا المقامَ عليها مدة أربعة أشهر، ونَصَبوا عليها المجانيقَ والسلالم، فلم يزالوا كذلك إلى أن بذل لهم المَلِكُ الصالح مالًا، وقال لهم: إنَّ صلاح الدين واصِلٌ إلى الشام، وربما أُسَلِّمُ القلعة ومن بها إليه، فأجابوه حينئذٍ إلى الرحيل عنها، فلما رحلوا عنها سيَّرَ إليها الملك الصالح جيشًا فحَصَروها، وقد بلغ الجهدُ منهم بحصارِ الفرنج، وصاروا كأنَّهم طلائع، وكان قد قُتِلَ من أهلها وجُرح الكثير، فسلَّموا القلعةَ إلى الملك الصالح، فاستناب بها مملوكًا كان لأبيه، اسمُه سرخك.