سار صلاحُ الدين عن دمشق منتصَفَ ربيعٍ الأول إلى حمص، فنزل على بحيرةِ قدس غربيَّ حمص، وجاءته العساكِرُ، فأوَّل من أتاه من أصحابِ الأطرافِ عماد الدين زنكي بن مودود بن آقسنقر. صاحِبُ سنجار، ونصيبين، والخابور، وتلاحقت العساكِرُ مِن الموصل وديار الجزيرة وغيرها. فاجتَمَعَت عليه، وكَثُرَت عنده. فسار حتى نزل تحت حِصنِ الأكراد من الجانبِ الشرقيِّ، فأقام يومينِ، وسار جريدة- الجريدة خَيْلٌ لا رَجَّالةَ فيها- وترك أثقالَ العسكَرِ مَوضِعَها تحت الحصن، ودخل إلى بلدِ الفرنج، فأغار على صافيثا، والعريمة، ويحمور، وغيرها من البلاد والولايات، ووصل إلى قرب طرابلس، وأبصر البلادَ، وعرف من أين يأتيها، وأين يسلُكُ منها، ثم عاد إلى مُعسكَرِه سالِمًا، وقد غَنِمَ العسكر من الدوابِّ على اختلاف أنواعِها ما لا حَدَّ له، وأقام تحت حصن الأكراد إلى آخرِ ربيع الآخر.