سار صلاحُ الدين إلى بيت المقدس فيمن بَقِيَ معه من العساكر، فنزلوا جميعًا داخِلَ البلد، فاستراحوا مما كانوا فيه، ونَزَل هو بدار الأقسا مجاوِر بيعة قمامة، وقَدِمَ إليه عسكر من مصر مُقَدَّمُهم الأمير أبو الهيجاء السمين، فقَوِيَت نفوس المسلمين بالقُدس، وسار الفرنجُ من الرملة إلى النطرون ثالث ذي الحجة، على عزمِ قَصدِ القدس، فكانت بينهم وبين يزك- مقدِّمة جيش- المسلمينَ وقَعات، أَسَرَ المسلمون في وقعةٍ منها نيفًا وخمسينَ فارسًا من مشهوري الفرنجِ وشُجعانِهم، وكان صلاحُ الدين لَمَّا دخل القُدسَ أمَرَ بعمارة سوره، وتجديدِ ما رث منه، فأحكم الموضِعَ الذي مَلَك البلد منه، وأتقَنَه، وأمر بحفر خندقٍ خارِجَ الفَصيلِ، وسلَّمَ كُلَّ برج إلى أمير يتولى عمَلَه.