لَمَّا عَبَرَ أبو يوسف يعقوب، صاحِبُ المغرب، إلى الأندلُسِ، وأقام مجاهدًا ثلاثَ سنين، انقطعت أخبارُه عن إفريقية، فقَوِيَ طَمَعُ علي بن إسحق الملثم الميورقي، وكان بالبريَّة مع العرب، فعاود قَصْدَ إفريقية، فبَثَّ جنوده في البلاد فخَرَّبوها، وأكثروا الفسادَ فيها، فمُحِيَت آثارُ تلك البلاد وتغَيَّرَت، وصارت خاليةً من الأنيس، خاويةً على عروشها، وأراد المسيرَ إلى بجاية ومحاصَرتَها لاشتغالِ يعقوب بالجهاد، وأظهَرَ أنه إذا استولى على بجاية سار إلى المغرب، فوصل الخبر إلى يعقوب بذلك فصالح الفرنج، وعاد إلى مراكش عازمًا على قَصْدِه، وإخراجِه من البلادِ.