مَلَك المَلِكُ العادِلُ أبو بكر بنُ أيوب مدينة دمشقَ مِن ابن أخيه الأفضَلِ عليِّ بن صلاح الدين، وكان أبلَغُ الأسباب في ذلك وثوقَ الأفضل بالعادل، فلما أقام العادِلُ عند العزيز بمصر استمالَه، وقَرَّرَ معه أنَّه يخرج معه إلى دمشقَ ويأخُذُها من أخيه ويُسَلِّمُها إليه، فسار معه من مصرَ إلى دمشق، وحَصَروها، واستمالوا أميرًا من أمراءِ الأفضَلِ يقال له العزيزُ بن أبي غالب الحمصي، فسَلَّمَ إليه بابًا من أبواب دمشقَ يُعرَفُ بالباب الشرقي ليحفَظَه، فمال إلى العزيزِ والعادل، ووعَدَهما أنه يفتَحُ لهما الباب، ويُدخِل العسكر منه إلى البلدِ غِيلةً، ففتحه اليوم السابع والعشرين من رجب وقتَ العصر، وأدخَلَ المَلِك العادِلَ منه ومعه جماعةٌ من أصحابه، فلم يشعُرِ الأفضَلُ إلَّا وعَمُّه معه في دمشق، ورَكِبَ الملك العزيز ووقف بالميدان الأخضَرِ غربيَّ دمشق، ثمَّ أرسلا إلى الأفضَلِ وأمَراه بمفارقةِ القلعة وتسليمِ البلد على قاعدةِ أن تُعطى قلعة صرخد له، ويُسَلَّم جميع أعمال دمشق، فخرج الأفضَلُ ونزل في جوسق بظاهر البلد، غربيَّ دمشق، وتسلَّم العزيزُ القلعة ودخلها، وأقام بها أيامًا، ثمَّ لم يزل به عَمُّه العادل حتى سَلَّمَ البلد إليه، وخرج منه، وعاد إلى مصر، وسار الأفضَلُ إلى صرخد، وكان العادِلُ يَذكُرُ أنَّ الأفضَلَ سعى في قَتلِه؛ فلهذا أخذ البلد منه، وكان الأفضَلُ يُنكِرُ ذلك ويتبرَّأُ منه، وقيل: بل كان سبَبُ ذلك سوء تدبير وزير الأفضَلِ ضياء الدين بن الأثير الجزري، الذي هرب بعد إخراجِ الأفضَلِ مِن دمشق، وقيل: إن العزيز استناب عمَّه العادِلَ على دمشق وبَقِيَت الخطبة له والسكَّة باسمِه.