بعد فراغ الملك العادل من فتح يافا عاد المسلمون إلى عين جالوت، فوصَلَهم الخبَرُ بأن الفرنج على عَزمِ قصد بيروت، فرحل العادِلُ والعسكر في ذي القعدة إلى مرج العيون، وعزم على تخريبِ بيروت، فسار إليها جمعٌ مِن العسكر، وهَدَموا سور المدينة سابِعَ ذي الحجة، وشَرَعوا في تخريب دورها وتخريبِ القلعة، فمَنَعَهم أسامة من ذلك، وتكَفَّل بحِفظِها، ورحل الفرنجُ مِن عكَّا إلى صيدا، وعاد عسكَرُ المسلمين من بيروت، فالتَقَوا بالفرنج بنواحي صيدا، وجرى بينهم مناوشة، فقُتِلَ من الفريقين جماعةٌ، وحَجَزَ بينهم الليل، وسار الفرنجُ تاسع ذي الحجة، فوصلوا إلى بيروت، فلما قاربوها هَرَب منها أسامة وجميعُ من معه من المسلمين، فملكها الفرنج صفوًا عَفْوًا بغيرِ حَربٍ ولا قتال، فكانت غنيمةً باردةً، فأرسل العادل إلى صيدا من خرَّبَ ما كان بَقِيَ منها؛ فإن صلاح الدين كان قد خَرَّبَ أكثَرَها، وسارت العساكر الإسلامية إلى صور، فقطعوا أشجارَها، وخَرَّبوا ما لها من قُرًى وأبراج، فلما سَمِعَ الفرنج بذلك رحلوا من بيروت إلى صور، وأقاموا عليها، ونزل المسلمون عند قلعة هونين وأذِنَ العادل للعساكر الشرقيَّة بالعود ظنًّا منه أن الفرنجَ يقيمونَ ببلادِهم.